وأقول :
ظاهر الرواية الأولى غدر الأمة جميعاً بعلي ، ولم يقع ذلك إلا في أيام المشايخ الثلاثة ، كما أن لفظ ( بعدي ) ظاهر في البعدية المتصلة ، لا بعد نيف وعشرين سنة.
وكذلك السين تقتضي الاستقبال القريب ، فلا يشك ذو فهم مع هذه الأمور أن مراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : هو غدر الأمة الواقع بأثر موته المستمر إلى أيام خلافة أمير المؤمنين .
وأما قوله : «لم يظهروه ما دام أمر الخلفاء منتظماً».
فتكلّف ظاهر ، لأنّ أحق وقت تظهر فيه تلك الضغائن هو وقت قرب العهد بأسبابها ، وليس هو إلا زمن وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا رأينا أهل تلك الضغائن هم اللفيف الأعظم للخلفاء الثلاثة ، علمنا أن ذلك أوّل وقت إظهارها ، وأنّ قيام دولتهم لم يكن إلا بتلك الضغائن.
ولذا جعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الغاية في إبدائها مجرد فقده ، لا فقده وفقد غیره بسنين متطاولة .
وليت شعري ، كيف لم يظهروها له وقد عزلوه قبل دفن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن منصبه ؟ ولم يدخلوه في الرأي بالخلافة ، ثمّ همّوا بإحراق بيته عليه (١) وغصبوا حق زوجته بضعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتركوه نيفاً وعشرين سنة جليس داره وحبيس بيته؟!
__________________
(١) راجع ٧ / ١١٤ ــ ١١٥ و ص ١٢٨ وما بعدها.