وأقول :
عرفت ممّا مرّ وجه تكرار المصنف لمثل الحديث ، فهو قد ذكره ــ أولاً ــ للطعن بعمر وأعاده ــ ثانياً ــ للطعن بالصحابة من حيث موافقتهم له في شتم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ورد أمره ، ومن حيث تأميرهم لمثله.
وأما حديث الوزارة فمن حديث الخرافة ، كما مرّ .
وقوله : ( كان صاحب مشورته ) ، إنّما هو مأخوذ من روايتهم نزول قوله تعالى : «وشاورهم في الأمر» في أبي بكر وعمر ، وقد عرفت أنه أدل على ذمّهما لصراحة الآية في تأليفهما .
قال تعالى : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (١) .
فإن قوله تعالى : ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا ... لَانفَضُّوا ) دال على أن إسلامهم غير ثابت عن صميم القلب ، فلابد أن يكون الأمر بمشاورتهم والعفو عنهم والاستغفار لهم للتأليف.
كما أن آخر هذه الآية يكذب ما رواه الخصم من انه صلىاللهعليهوآلهوسلم عزم على دخول دمشق ، فنهاه عمر فأطاعه ، وذلك لأن الله تعالى أمره بالإقدام والتوكل عليه إذا عزم ، فكيف يعصي الله ويطيع عمر ؟
ثم إن من آخر الآية ، ومن قوله تعلى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩.