وقال الفضل (١) :
ذكر الله قصة حنين في كتابه العزيز ، وأن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولّوْا مُدبرين ، وكان هذا قضاء الله في الحرب ؛ ليُعْلَمْ أَن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مؤيّداً من الله تعالى ، لا من قوة العساكر .
وقد رُوي في صحيح البخاري عن البراء بن عازب : أنه قال له رجل : أفررتم يوم حنين ؟
قال : لا والله ، ما ولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن خرج شُبّان أصحابه ليس عليهم كثير سلاح ، فلقوا قوماً رماةً ... لا يكاد يسقط لهم سهم ، فرشقوهم رشقاً ما يكادون يخطئون ، فأقبلوا هنالك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم و رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على بغلته البيضاء ... وأبو سفيان بن الحارث يقودها ، فنزل فاستنصر ، وقال : «أنا النبيّ لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب» (٢) .
قال البراء : كنا إذا حمى البأس اتقينا به ، وإن الشجاع منا من يحاذي به» ؛ يعني النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
ويعلم من هذا الحديث أن شبّان الصحابة ولوا يوم حنين ، وأمّا الباقون فقاموا وثبتوا ؛ لأنّ البراء نفى الفرار وقال : لا والله .
وأيضاً اختلفوا في العدد الذين وقفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقيل : كانوا ثلاثمائة رجل ، ولا خلاف في أن أبا بكر وقف معه ولم يفارق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في موقف من المواقف .
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦١٣ ( حجري ) .
(٢) صحيح البخاري ٤ / ١١٦ ح ١٤١ ، وفيه اختلاف في بعض الفاظه