وقال الفضل (١) :
قد سبق أن من خرج على عليّ في أيام خلافته فهو باغ ، والباغي : ــ عند الشافعي ــ من يخرج على الإمام لشبهة ، وهؤلاء خرجوا على عليّ ــ وهو الإمام ــ بشبهة أنّ في عسكره قتلة عثمان ، لا أنّهم يطلبون دم عثمان من عليّ .
وهذا الرجل فيما مرّ من الكلام أثبت اعتراف علي بقتله عثمان ، وقد أبطلناه ، فما ذكره هنا من تبرئة عليّ من دم عثمان مناقض لما ذكره هناك . وما ذكر أن عائشة كانت عاصية ، فعند أصحاب الشافعي أنّ البغي ليس اسم الذم ، ولا هو من العصيان بشيء ، لأنه خروج بالشبهة ، فصاحبه مجتهد مخطىء ، والمجتهد المخطىء ليس بعاص .
وأما ما ذكر أنّ الله تعالى نهاها عن الخروج ، فذلك النهي مخصوص بالخروج مع التبرّج ، لا كل خروج ، والخروج بالتبرج كان من دأب نساء الجاهلية أن يتبرجن بالحُلي ، فيخرجن لإراءة التبرّج والحلي للناس ، فيطمع الناس فيهنّ ، هذا تبرج الجاهلية .
ولو كان الله تعالى أمرهنّ بترك الخروج مطلقاً ، لكان يحرّم عليهن الخروج للحج والجماعة ، وهذا باطل إجماعاً ، فالنهي مخصوص بالخروج بالتبرج .
وأما ما ذكر : «أنّها ليست وليّ الدّم حتّى تطالب به ، ولا لها حكم
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦٩٢ ( حجري ) .