وأقول :
لم يُرد المصنف رحمهالله الطعن على معاوية بأنه أدعى الأحقية ممن هو أحقُّ منه وهو عمر ، بل أراد أن هذه الدعوى إن بطلت ، فقد بطلت خلافة معاوية ؛ لأن الكاذب المبطل لا يصلح للإمامة ، وإن صحت فقد بطلت خلافة عمر ؛ لوجود الأحقُّ منه ، ولأن الأحق ليس أهلاً للخلافة بإقرار الخصم ، فكيف بالمفضول ؟!
ولا معيّن للاحتمال الأوّل ، ولا يتأتى الترديد المذكور في دعوى معاوية الأحقية من أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ إذ لو سلّم صدور هذه الدعوى منه ؛ فهي متعيّنة البطلان ؛ لأنّ خلافة أمير المؤمنين مسلّمة الصحّة عند الفريقين ، بخلاف خلافة عمر .
ولا أشدّ وهناً وأضعف شأناً من خلافة عمر ؛ لادعاء صاحبه وصنيعته أنّه أحق بها منه .
وهذا الحديث قد رواه البخاري في غزوة الخندق من «كتاب المغازي » (١) .
وأما ما صححه الخصم من إسلام معاوية بعد الفتح بأيام يسيرة ، فقول نشأ من الهوى لا الدليل.
ويكفينا في صحة خلافه رواية واحد منهم له ، كما ذكره المصنف رحمهالله (٢) .
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٢٤٠ ح ١٤٤ .
(٢) راجع الصحفة ٤٩ من هذا الجزء.