وأقول :
إن أراد : أن الله سبحانه قد تكفّل بحفظ الإسلام ــ أي الشهادتين ــ فلا دخل له بكلام ابن عمر حتى يكون رداً له ؛ لأنه يرى وجوب الاستخلاف خوفاً من اختلاف الرعية ، ووقوع الفساد فيها ، وظلم بعضهم بعضاً ، ويرى أن ترك الاستخلاف تضييع للرعية .
وإن أراد : أنّه تكفّل بحفظ الحوزة ، وعدم ضياع أمور الرعية أصلاً ، فهو راجع إلى القول بعدم الحاجة إلى الإمام ، وهو خلاف الضرورة ، وخلاف ما صرّح به أصحابه ؛ كصاحب المواقف» وشارحها وغيرهما (١) على أنّ عمر إنّما قال : إن الله يحفظ دينه والمنصرف منه أصل الإسلام ، ولذا لم يكن ردّاً لقول ابنه.
وإن أراد : أنّه تكفل بحفظ الحوزة بمقدار ما تنصب الأمة إماماً لها ، فهو قول بعدم الحاجة إلى إمام في الجملة ، وهو باطل ؛ لإنه تخصيص بلا دليل .
وقوله سبحانه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) .
إنّما يدل على حفظ القرآن ولا ربط له بالمدعى ، وأما ترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للاستخلاف ، فهو ــ لو سلّم ــ لا يقتضي التخصيص ؛ لاحتمال الخطأ في فعله ، أو الهجر الذي نسبوه إليه ، حاشاه .
فلا محالة أن نسبة ترك الاستخلاف إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم النسبة للتضييع
__________________
(١) المواقف : ٣٩٥ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٥ شرح التجريد ــ للقوشجي ــ : ٤٧٢.
(٢) سورة الحج ١٥ : ٩.