إليه حتى لو لم يضع أمرُ الأمة بعده ، فإنّ إقدامه على التضييع لا ينافي عدم حصول التضييع لأمر اتفاقي .
ولو سلم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يضيع أمر الأمة بترك الاستخلاف ؛ لعلمه بالاستخلاف ؛ وحصول الإجماع بعده ، فهو لا يتمّ في عمر وغيره ممن لا يعلم العاقبة ، ولا دلالة في عمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ثبوت قاعدة كلية فيما بعده .
والحق أن وجه الحاجة إلى الإمام هو حفظ الحوزة والدين ؛ أصولاً وفروعاً ؛ علماً وعملاً ، ولا يحصل هذا إلا بإمام عالم بجميع الأحكام ، معصوم حتى عن الخطأ ؛ لئلا تضيع الأُمّة الدينية ولو بضياع بعض أحكامها .
فلا بد من النص من الله تعالى والاستخلاف من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إمام بعده ، و الإجماع لا يقوم مقام ذلك ؛ إذ لا علم للناس بالمعصوم الذي لا يجهل شيئاً من الأحكام.
فقد ظهر مما ذكرنا أنه بناءً على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف ، لم يحصل مجرّد التضييع من النبي ، بل حصل الضياع ؛ لعدم قيام معصوم محيط بجميع الأحكام مقامه.
ثمّ إنّ هذا الحديث الذي ذكره المصنف رحمهالله قد رواه مسلم في باب الاستخلاف وتركه من كتاب الإمارة (١) .
__________________
(١) صحيح مسلم ٦ / ٥.