وأقول :
سبق أنه قد تحمّلها أسوأ تحمّل ؛ لأنه حصرها في ستة بعد ماعاب أكثرهم بما ينافي الخلافة ، ثمّ أمر بقتلهم بالنهج المتقدم (١) ، ولو كان من أهل التقوى ، لما أمر بقتل من شهد لهم بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو راضِ ضرر المخالف منهم بالحبس ونحوه ، فمن يطاع عنهم ؛ إذ كان يمكنه بالقتل أولى بأن يطاع بالحبس .
وأما قوله : كان يخاف أن يستخلف غير الأهل ... إلى آخره ، فلا يتمّ إلا أن يكون عمر فكيف أهلهم وعينهم ؟! ولم لم يترك الأمر إلى اختيار المسلمين ؟
ولو فرض أنه كان معذوراً في إدخال كلّ منهم ؛ لأهليته عنده للخلافة ، فلا محالة يكون معذوراً في تعيين واحدٍ منهم ، فلا معنى لخوف الوزر في الثاني دون الأوّل .
ولا أعجب من أهل السنّة ، فإنّهم بينما يقولون في كل صحابي شاكاً حتى في الستة ، وإذا كان شاكاً في أهليتهم للخلافة بالعدالة ، إذ تراهم يجعلون عمر يخاف وزر أفعال خواص الصحابة .
وأما تعليله لعدم الفتنة في جعل الشوري ؛ بأن الأمر تقرر على عثمان ، فتجاهل ظاهر .
أمّا أوّلاً : فلأنّ الأمر وإن تقرّر ــ أولاً ــ على عثمان ، لكن بعد ذلك طمع فيها طلحة والزبير وقومهما حتّى ألبوا الناس عليه ، ولا سيما طلحة .
__________________
(١) راجع ٧ / ٢٨٧ وما بعدها من هذا الكتاب.