وأقول :
نعم ، قد يضطرب حال الإنسان عند الشدائد ، ولكن كامل الإيمان لا يبالي بها في جنب الله تعالى ، وفي جنب تعهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يكون معه القيامة ، الذي هو من نوادر الفوائد ، التي يتنافس عليها بالنفس والنفيس ، ولا تعرض إلا اتفاقاً ، ولا سيّما قد كرر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الطلب والتعهد ، فمن لا يغتنم ذلك الأمر العظيم الفذ ، لا يكون إلا ناقص الفضل والمعرفة .
فالصحابة ليسوا إلا من سائر البشر ، لا يستبعد في حقهم ما يصح على غيرهم ، فلا غرابة في إنكارهم نص الغدير للأغراض البشرية ، ولاشك أن من يرغب عن ذلك الثواب الجسيم طلباً للراحة ، ويترك طاعة الرسول إيثاراً للعاجلة ، أحق بأن يرغب في ملاذ الدنيا التي لا ينالها مع من يقسم بالسوية ، ويستوي عنده الشريف والوضيع ، ولا يعصي الله طرفة عين .
وأما ما ذكره من أن حذيفة عندنا من الخواص ، فصحيح (١) ، لكن الكمال يأتي تدريجاً ، ولأجل علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بفضله على الحاضرين من الصحابة حينئذ ، وبأنّه يصير بعد من الخواص ، خصه وميزه بعنايته .
***
__________________
(١) انظر : رجال الكشي ١ / ٣٢ ــ ٣٤ ح ١٣ ، الاختصاص : ٥ ــ ٦ .