ولكن ذهب الفقهاء إلى أنّ من جعل جهة الإسلام كفراً فهو كافر (١) .
وهذا الرجل جعل جهة الإسلام ، وهو نسبة خلق الأفعال إلى الله تعالى ــ لدلالة صرايح النصوص عليه ــ كفراً ، فهو مكفّر بهذا التكفير.
ثمّ ما نقل عن الجبّائي أنّ المجبّر كافر ، إن أراد بالمجبّر : أهل السنّة والجماعة من الأشاعرة ، فيجب تكفير الجبائي ، لأنه ذهب كثير من أصحابنا إلى أنّ من يكفّرنا فنحن نكفّره .
وأما قوله : «ومن شك في كفره فهو كافر ، يدلّ على غاية تعصب هذا القائل ، وأنّه لم يكفّر لأجل الخطأ في الاعتقاد ، بل يكفّر لأجل التعصب المفرط ، لأنّ الشك في كفر من لم يصرّح الله تعالى بكفره بالخصوص ليس بكفر ، سيما من كان من أهل القبلة ومن المصلين ، كيف يكون الشاك في كفره كافراً ؟ وهذا غاية الجهل والتعصب.
ولا يبعد من المعتزلة المنسوبة إلى المجوس ، من كل عابد نار منحوص ، أن يكفّروا من شك في كفر أهل القبلة ، ولنعم ما قلت فيهم قبل هذا شعراً :
العصابة تركوا الجماعة وارتموا |
|
في الإعتزال لهم نفوس بالهة |
في خلق أعمال الورى قد أشركوا |
|
مثل المجوس تفوّهوا بالآلهة |
وأما قوله : إنّه يجوز على مذهبهم أن يجمع الله تعالى الأنبياء والرسل في الجحيم ، ويجمع الكفّار والشياطين في النعيم .
فالجواب : إنّه لا يلزم من القول بعدم وجوب شيء على الله تعالى أن يفعل هذا ، فإنّه جرى عادة الله على إثابة المطيع وعقوبة العاصي بعد أداء
__________________
(١) انظر : حاشية ردّ المختارة ٤ / ٤٥٠.