الأعمال ، ولم يجب عليه شيء ، وهذا لا يوجب أن يكون العاصي منعماً والمطيع معذباً ، كما يجوز أن لا يخلق الله الشبع عقيب الأكل ، وإن جرى عادة الله تعالى على خلقه ، وهي لا تتخلّف .
وبئس المذهب مذهباً يجعل فيه الأشياء واجبة لازمة على الله تعالى ، كما يجب الأشياء للعبيد وينصب الإنسان يوم القيامة نفسه خصماً الله تعالى ويقول : إنّي عملت كذا وكذا ، ويجب عليك أن تعطيني كذا وكذا ، وإلا كنت آئماً خائناً ، لأنك ما أديت حقي ، ولا تفضّل لك عليَّ ، بل كل ما أناله فهو من عملي وسعيي !
ولو أنّ جميع أعمال الإنسان العابد ألف سنة تقابل نعمة بصره ، لا توازيها ولا تعادلها ، فكيف يجوز رفع التفضّل والقول بوجوب الجزاء ؟
وأما قوله : هلا حكى الله تعالى اعتذار الكفار في الآخرة بأنك خلقت فينا الكفر والعصيان ؟ !
فنقول في جوابه : هذا دليل على أن خلق الأعمال لا يوجب العذر ، وإلا اعتذروا به ، فلم يذكر عذرهم ، وبهذا علم أنه ليس يصح أن يكون عذراً ، فإنّ الآخرة منزل انكشاف الأشياء ، ولو كان يصح بوجه لاعتذروا به بل الملامة والعذاب في الآخرة لمباشرة العمل ، وبهذا اعتذروا بذنوبهم ، كما ذكره في الآيات.
***