أبا بكر وترك أهله .
قلت : لا يمكن أن يكون حكم ميراثهم خارجاً عن محلّ ابتلائهم ، وهو ظاهر ، ولا داخلاً في محل ابتلاء أبي بكر بما هو حاكم ، لأنه خصم ولا يجوز أن يكون الخصم هو الحكم ، إذ لو جعلت حكومة مخاصمة الحاكم إليه لضاعت الحقوق التي عليه ــ ولو في بعض المقامات ــ إلا أن يكون معصوماً .
فإن قلت : لا شك أنه لا يتوقف مُضي قول أبي بكر على لحاظ كونه حاكماً ، بل يكفي في قبول قوله كونه راوياً حين الابتلاء بالحكم ، إذ لا يلزم بيان الحكم فعلاً لمن يبتلى به في المستقبل ، وإنما يلزم بيانه له في وقته ولو بواسطة من يعتمد عليه ، كأبي بكر في المقام ، فلا نحتاج إلى إثبات مضي حكمه بما هو حاكم .
قلت : لا يصلح جعل رواية الخصم محلّ الاعتماد حال الخصومة ضرورة الاتهام له ولو من خصمه ، ولذا اتهمت سيدة النساء أبا بكر في روايته ، بل قطعت بافترائه ، وقالت له ، لقد جئت شيئاً فَرِيّا (١) .
فكيف يمكن أن يجعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واسطة في التبليغ ؟ !
فحينئذ يكون ترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لإعلامها وإعلام باب مدينة علمه من أعظم الإخلال بالإنذار ، ومن أكبر الفساد ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يجل عنهما ، وبما ذكرنا يعلم ما في كلام الفضل من الخلل والجهل .
__________________
(١) فرى فلان كذباً فرياً وافتراه : أي أختلق .
انظر : الصحاح ٦ / ٢٤٥٤ ، لسان العرب ١٠ / ٢٥٦ مادة( فرا)