قال : نعم .
قال : بايعناك ونوافقك في القتال .
وقال ما قال ، فسر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسار إلى قريش ، وهذا سرّ الإعراض.
وهذا الرجل إما جاهل بالأخبار أو متجاهل للتعصب ، نعوذ بالله منه ، وهذا الإعراض لهذا الأمر ، لا لمنع أن يستنير رسول الله في العريش برأي أبي بكر .
وحاصل الكلام : أن هذا الرجل ما يدعى ؟ أيدعى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يشاور أبا بكر ولا عمر في الأمور ، فهذا أمر باطل ودعوى كاذبة ، مخالفة للتواتر المعلوم ؛ لأن أبا بكر وعمر كانا وزيري رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يصدر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أمر إلا برأيهما ، ومن خالف هذا فهو مكابر للمعلوم بالتواتر ، ولما هو جار مجرى الضروريات من الدين .
وما ذكر من أبي هاشم من جواز مخالفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهذا مذهب لم يقل به أهل السنة والجماعة ، والمذهب أنّه لم يجز مخالفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال حياته ولا بعد موته .
نعم ، يجوز أن يقال له فيما لا يكون بطريق الوحي : افعل كذا ولا تفعل كذا على سبيل المشاورة ، لأنّ الله تعالى قال : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) (١) ، والمشاورة لأجل أن يقال : افعل ولا تفعل ، وإلا فما فائدة المشاورة ، كما كان يفعل عمر ، فإن وافق ذلك القول رأي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فذاك ، وإلا يجب الرجوع إلى أمره وموافقته وطاعته فيما أمر ونهى .
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩ .