الخلفاء وذب الطعن عن حريمهم ، ليقتدوا بهم الناس ولا يشكوا في كونهم الأئمة ؛ لأن معظم الإسلام منوط بآرائهم ، فإنّهم كانوا خلفاء النبوة ، ووارثي العلم والولاية .
وأما معاوية ، فإنّه كان من ملوك الإسلام ، والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن ، ولكن كفُّ اللسان عنهم أولى ؛ لأن ذكر مطاعنه لا يتعلّق به فائدةٌ ما أصلاً ؛ فإنّ ذكر مطاعن الخلفاء ينفعُ الرّفضة ، وأقل المنافع أن يصير سبباً للمباحثة والمعارضة التي هي أنفع المنافع عند المجادلين من الرفضة. وهذه المنفعة مفقودة في ذكر مطاعن معاوية ؛ لأنه لم يعارض أحدٌ في الذب عنه ، فَذِكْرُ مطاعنه محض الغيبة الضارة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تذكروا موتاكم إلا بالخير» (١) .
لكن لما ذكر هذا الرجلُ مطاعنه ــ ونحن لا نريد أن نترك شيئاً ممّا ذكره ــ نذكر مطاعنه ، ونتكلم في كل فصل بما يليق في ذلك الفصل من الكلام.
فنقول : ما ذكر أن رسول الله قال : «ويحَ عمّار تقتله الفئة الباغية » .
فهذا حديث صحيح ، ولاشك أنه قتل في حرب صفين ، ولا شك أن أصحاب معاوية قتلوه ــ وهم الفئة الباغية ــ ولا نزاع في هذا .
***
__________________
(١) كنز العمال ١٥ / ٦٨٠ ح ٤٢٧١٢ .