فقال عمر: ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس ((١))
إن كان ماقلت حقاً ، إنّه لرأي أريب، وإن كان باطلاً : إنّه لخدعة ادیب.
قال : فمرني يا أمير المؤنين .
قال : لا أمرك ولا أنهاك » ((٢)) .
ونحوه في تاريخ الطبري ((٣)) .
ولا ريب أن إظهار عمر للشك في صحة عذر معاوية ، إغضاء منه عمّا علمه من بطلان عذره ؛ إذ كيف يخفى على عمر أو غيره أن عز السلطان الإسلامي وإرهاب العدوّ ، إنما يحصل بكثرة الجن-د والخيل والسلاح، وتفاني الرعيّة في طاعة الوالي لاعتقادهم بفضله ، وهداه ، لا بتجبر الوالي ، ووقوف ذوي الحاجات ببابه ، وتحقيره لهم ؟!
ولا أعجب من عمر ؛ فإنّه أظهر الشك في معاوية ثمّ ما برح حتى أوكل الأمر إلى هواه ، فقال : «لا أمرك ولا أنهاك».
وهل يشتبه على عمر سوء أعمال معاوية وهو مهتوك الستر ؟!
قال ابن أبي الحديد ((٤)) في شرح كتاب لأمير المؤمنين إلى ابن العاص
١- الرواجب : مفاصل أصول الأصابع التي تلي الأنامل أو بواطن مفاصلها ، واحدتها : راجبة . تاج العروس ٢ / ١٧ ، مادة«رجب». ولعل المراد بقوله : في مثل رواجب الضرس ؛ كناية عن الحيرة أو الندم ؛ لأن النادم أو المتحيّر يعض على يده أو اصبعه ، كما يُقال : قرعَ فلان سنّه ؛ إذا حرقه ندماً .
٢- الأستيعاب ١٤١٧/٣ .
٣- ص : ١٨٤ ج . ٦ . منه قدس سرة ، تاريخ الطبري ٣/ ٢٦٥ حوادث سنة ٦٠ ه-
٤- ص : ٦٠ مجلد ٤ . منه قدس سرة.