وفي المختلف نقل احتجاج ابن بابويه بالآية ، وأجاب بالمنع من إرادة صورة النزاع ، إذ ليس فيه دلالة على وجوب القنوت في الصلاة ، أقصى ما في الباب وجوب الأمر بالقيام لله إن قلنا بوجوب المأمور به ، وكما يتناول الصلاة كذا غيرها ، سلّمنا وجوب القيام في الصلاة لكنّها يحتمل وجوب القنوت ويحتمل وجوب القيام حال القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآية ، وليس دلالة الآية على وجوب القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب بحالة القيام ، بل دلالتها على الثاني أولى لموافقتها بالبراءة الأصلية (١). انتهى.
ولقائل أن يقول : إنّ الأمر إذا كان للوجوب دلّت الآية على وجوب القيام حال الدعاء ، ولا يجب إلاّ في الصلاة فيكون الدعاء واجبا. وقد يجاب : بأنّ الدعاء لا يتعين في القنوت لما سبق من احتمال غيره. وفيه : أنّ الدعاء في الصلاة لا يتعين وجوب القيام له مطلقا.
والحق أنّ الوجوب في الأمر محل تأمّل ، لما ذكرناه في فوائد التهذيب من : أنّ سياق الآية يقتضي إمّا الندب أو الاشتراك بينه وبين الوجوب ، والترجيح للوجوب مشكل ، فأصالة البراءة لا مخرج عنها.
أمّا ما قاله العلاّمة رحمهالله : من وجوب القيام لله. فقريب ، إذ لا قائل بالوجوب في غير الصلاة. ثم تسليمه وتجويز القيام الواجب مع عدم وجوب القنوت مشكل ، فإنّ المستحب كيف يجب له القيام إلاّ على سبيل الشرطية.
أمّا قوله : وليس دلالة الآية ، إلى آخره. فلم يظهر لي دلالته على
__________________
(١) المختلف ٢ : ١٩٠.