______________________________________________________
أما أولا : فلأن ذلك مخالف لما هو المفروض في النص وكلام ابن إدريس وغيره (١) ، فإن موضوع المسألة في كلامهم موت الإنسان في البئر ، لا وقوعه فيه ميتا ، كما لا يخفى على من تتبع كلامهم.
وأما ثانيا : فلأن ابن إدريس لم يستدل على وجوب نزح الجميع في هذه الحالة بمفهوم الموافقة ليتوجه عليه ما ذكره من المنع ، وإنما احتج عليه بثبوته في حال الحياة ، وعدم اقتضاء الموت التطهير فلا يزول وجوب نزح الجميع الثابت قبله. وهو استدلال جيد لو سلم انتفاء التقدير فيه ، وأنّ كل ما كان كذلك وجب فيه نزح الجميع.
وأما ثالثا : فلأن زوال الاعتقاد المقتضي لنجاسة الكفر لا يقتضي زوال تلك النجاسة الحاصلة منه ، لما حققناه فيما سبق (٢) من أنّ كل ما حكم الشارع بنجاسته فيجب الحكم ببقائه على ذلك ( إلى أن يثبت المطهر له شرعا ، وأن هذا ليس من باب الاستصحاب بل مرجعه إلى الأدلة العامة الدالة على ذلك فتأمل ) (٣).
وفصل المحقق الشيخ علي ـ رحمهالله ـ في شرح القواعد (٤) ، وجدي ـ قدسسره ـ في روض الجنان (٥) فحكما بالاكتفاء بالسبعين في الكافر إن وقع في الماء ميتا ، لعموم النص ، وأوجبا نزح الجميع إن وقع حيا ثم مات ، لثبوت ذلك قبل الموت والموت لا يزيله.
وضعف هذا التفصيل ظاهر ، فإن مورد النص موت الإنسان في البئر ، وهو ظاهر في ملاقاته للماء حيا ، فإن سلم شموله للكافر وجب الاكتفاء فيه بالسبعين مطلقا وإلا
__________________
(١) منهم الشيخ في النهاية : (٦) ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ( ١ : ٣٧ ).
(٢) تقدم في ص : (٤٢).
(٣) ما بين القوسين ليس في « س ».
(٤) جامع المقاصد ( ١ : ١٣ ).
(٥) روض الجنان : (١٤٩).