______________________________________________________
وإفساده ، وهو إنما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرد دخوله في البئر ، فلا يضر هذا النهي ، لتأخره وعدم كونه عن نفس العبادة ، قال : إلا أن يقال : الوسيلة إلى المحرم محرمة ، وإن كانت قبل زمانه (١).
وفيه نظر : فإنه ـ رحمهالله ـ قد حقق فيما سبق (٢) أنّ المراد بالوقوع الغسل ، حملا للمطلق على المقيد ، فيكون النهي متوجها إليه خاصة ، والفساد وإن كان مترتبا على الغسل ومتأخرا عنه عند القائل به إلا أنّ المفسد له في الحقيقة هو الغسل ، وليس بعد تحققه فعل يمكن توجه النهي إليه ، وإنما الموجود هو أثر ذلك الفعل المنهي عنه.
والحق أنّ الجمع بين الأخبار غير جيد كما بيناه ، وأن المنهي عنه في خبر ابن أبي يعفور نفس الوقوع في البئر ، لما فيه من تغيره بواسطة ثوران الحمأة (٣) ونحوه فيمكن حمله على الكراهة ، ولو حمل على حقيقته وهو التحريم لم يلزم منه بطلان الغسل مطلقا ، بل إنما يلزم بطلانه إذا وقع الاغتسال مع نفس الوقوع المقتضي لتغيره ، لا متأخرا عنه فتأمل.
واعلم : أنه قد ذكر جماعة من الأصحاب تفريعا على القول بالنجاسة أن الجنب إن اغتسل مرتمسا طهر بدنه من الحدث ونجس بالخبث ، وإن اغتسل مرتبا أجزأه غسل ما غسله قبل وصول الماء إلى البئر خاصة (٤).
وللنظر فيه مجال ، لتعليق الحكم عندهم على الاغتسال وهو لا يتحقق إلا بالإكمال.
__________________
(١) روض الجنان : (١٥٤).
(٢) المصدر السابق ص (١٥٣).
(٣) الحمأ : الطين الأسود ، قال الله تعالى ( مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) وكذلك الحمأة بالتسكين ، تقول منه : حمأت البئر حمأ ، بالتسكين ، إذا نزعت حمأتها. ( الصحاح ١ : ٤٥ ).
(٤) منهم العلامة في المنتهى ( ١ : ١٩ ) ، والشهيد الثاني في روض الجنان : (١٥٤).