المحقّقون ، مع أنّا لم نجد فرقا بين هذا الصدق والصدق الذي في ما نحن فيه أصلا ، فمثل هذا الصدق كيف ينفع؟
مع أنّه كما يجوز التخصيص كذا يجوز أن يكون المراد في الأخبار صلاة الجمعة الصحيحة على القول بأنّ صلاة الجمعة اسم لمجرّد الأركان المخصوصة ، وإلاّ فعلى القول بأنّها اسم لخصوص الصحيحة ـ كما هو أحد القولين وأقواهما ـ فلا معارضة ، فلا غبار أصلا.
على أنّه لا شك في كون صحة ما نحن فيه مشكوك فيها ، والصحة عبارة عن موافقة الأمر أو إسقاط القضاء ، فأي فائدة في الصدوق المذكور ، لأنّ الصحة لا بدّ منها قطعا ، سيّما بالمعنى الأوّل ، فتأمّل.
قوله : إذا سمع مواقع أمر الله. ( ٤ : ٨ ).
إن أراد أن بمجرّد سماع اللفظ يجب المبادرة إلى الامتثال وإن لم يعرف المطلوب والمرام ولم يتمكّن منه ، ففاسد قطعا ، لأنّ الفهم والتمكّن شرط في التكليف بضرورة العقل والدين والآيات القرآنية والأخبار المتواترة ، بل هو أعظم الشروط وأصلها واسّها ، وعموم الوجوب على كل مسلم مسلم لا نزاع فيه ، بل وإن لم يكن مسلما ، إلاّ أنّه مشروط بما ذكر ومخصّص به.
وإن أراد أنّه لا سترة في المطلوب أيضا إلاّ أنّ فقهاءنا المتقدّمين والمتأخّرين صاروا أحمقين ، فحاشا الشهيد الثاني وحاشاهم.
وإن أراد أنّه كشف السترة ، فليس في كلامه عين ولا أثر ، إذ لم يزد على الإتيان بما دل على وجوب الجمعة ، وهو بديهي الدين ، والنزاع في أمر آخر ، فما لا نزاع فيه أطال في القيل والقال ، وما فيه النزاع لم يشر إليه أصلا.