هذا هو الحق ، فيكفي تواري الإنسان الذي عند البيوت عن المسافر. ويمكن حمل الجدران في كلامهم على الجدران الذي يكون بمقدار إنسان ، إذ ربما لا يكون عند البيوت إنسان ، أو يكون لكن يشتبه على المسافر بواسطة الجدران ، لكنه بعيد ، فتأمّل.
ويمكن (١) أن يقال : إنّ باب التفاعل مأخوذ فيه التفاعل من الطرفين وإن كان أحدهما فاعلا كباب المفاعلة ، فإنّه مأخوذ فيه المفاعلة من الطرفين ، فإذا كان التفاعل من الطرفين [ فالعبرة تكون بخفاء ] (٢) البيوت عليه ، لأنّه هو الذي يدركه ، أمّا خفاء نفسه على البيوت فلا يدركه فكيف يجعله المعيار؟ والتخمين غير معلوم اعتباره ، لأنّه خلاف الأصل وخلاف ظاهر الأخبار ، فتأمّل.
نعم يمكن أن يعرف تواريه منهم بأن لا يرى من كان عند البيوت ، فإنّه أيضا لا يراه ، لاتحاد حالهما في رؤية الآخر ، لكن من أين يدري أنّ هناك أحد لكن لا يراه؟ إلاّ بضرب من التخمين. ومع هذا معلوم أنّ العبرة إنّما هي في المبيت والمنزل لا أهله ، ومع ذلك لمّ الحكم وسرّه ، وهو أنّه إذا خفي عن أهل البيوت فقد غاب عنهم ولم يكن حاضرا ، والقصر إنّما هو على المسافرين لا الحاضرين.
وممّا ذكر ظهر أنّ اعتبار حدّ الترخّص إنّما هو بالنسبة إلى من سافر من وطنه ، لا من هو مسافر مثل الهائم الذي قصد المسافة في السفر ، والعاصي الذي زال عصيانه في أثناء السفر. وأمّا ناوي الإقامة والمتردّد في محلّ ثلاثين يوما فيمكن أن يكون حكمهما حكم المتوطّن ، بعموم
__________________
(١) من هنا إلى نهاية التعليقة ليس في « ا ».
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : فالغير يكون بحذاء ، والظاهر ما أثبتناه.