تشمل جميع الصلوات ، وهذا أيضا يضرّ القائل بالاستحباب ، لأنّ المستحبّ عنده أن يكون بعض الصلاة جهريّة وبعض الصلاة إخفاتيّة ، لا أن يكون بين الصلوات تفاوتا في الجهر والإخفات البتّة ، فالآية على ما قرّره تكون متروكة الظاهر بالإجماع والاتفاق حتى من الشارح.
وإن أراد أن المراد من الوسط الوسط من الجهر في ما يجهر والوسط من الإخفات في ما يخافت ، فالآية لا تكون حجّة له ولا حجّة على القائل بالوجوب ، ولا نفع ولا ضرر فيها أصلا لشيء من المذهبين.
وبالجملة : لا نزاع في كون الإخفات الذي يقصر عن السماع حراما ومفسدا للصلاة ، وأنّ الجهر العالي منهيّ عنه ، وأنّ المطلوب عدم هذا وعدم ذاك ، وكذا لا نزاع في كون الجهر والإخفات في موضعيهما مطلوبين شرعا من دون شائبة تأمّل ، إنّما النزاع في الوجوب والاستحباب ، فما أدري أنّ مراد الشارح من الاستدلال ما ذا؟ وبالجملة : استدلاله عجيب ، فتأمّل جدّا.
قوله : وهو تحكّم من الشيخ. ( ٣ : ٣٥٨ ).
هذا منه ومن الشارح رحمهالله في غاية الغرابة ، إذ جلّ المواضع التي يحمل لأجله على التقيّة ـ بل كلّها ـ ليست ممّا اتفقت عليه الأصحاب. على أنّه لو كان ممّا اتفقوا عليه لكان مجمعا عليه عندهم على ما هو الظاهر من طريقتهم ، فلا حاجة فيه إلى التمسّك بالخبر ، فضلا عن الحمل على التقيّة لأن يصح الفتوى والعمل.
ولو لم يكن إجماعا عندهم يكون الخبر المعمول به عند الجميع حجّة بلا شبهة ، ومعارضة يكون من الشواذّ التي لا عمل عليها عندهم ويجب طرحها بلا شبهة ، من دون توقّف على التمسّك بموافقته للعامّة ، إذ