فعلى هذا نقول : دلالة الأوامر الصادرة في القرآن والأخبار على وجوبه موقوفة على ثبوت كونه صلاة الجمعة ، إذ مجرّد تسمية الخصم ذلك بصلاة الجمعة كيف يثبت مطلوبه؟ إذ لا شكّ في أنّ العبادات توقيفية ، موقوفة بيانها ومعرفتها على النصّ من الشارع ، وقد صرّح الشارح أيضا بذلك في مواضع غير عديدة ، منها : ما سيجيء عن قريب في شرح قول المصنف : وتجب بزوال الشمس. (١) ، فلو سلّم أحد أنّه صلاة الجمعة أمكن الاحتجاج بها عليه بعنوان الجدل ، أمّا البرهان أو الاحتجاج على (٢) منكر ذلك فلا ، وقد صرّح بالإنكار من صرّح منهم (٣).
وبالجملة : دلالة المطلق أو العامّ على مطلب فرع معرفة معنى ذلك المطلق وذلك العام ، ولا يمكن المعرفة إذا كان عبادة إلاّ من صاحب الشرع ، بنصّه أو فعله أو تقريره ، والأوّل والآخر مفقودان ، وأمّا الفعل فلا شكّ في أنّه كان السلطان المعصوم عليهالسلام وكان في زمانه يفعل بإذنه الخاص ونصبه ، كما سيجيء.
ولو نوقش في ذلك فنقول : لم يثبت فعلها من غير المنصوب في زمانه حتى يمكن إثبات البيان بتقريره لو أمكن.
ثم نقول : على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية غاية ما في الآية والأخبار وجود القرائن الصارفة عن المعنى اللغوي ، أمّا المعينة للمعنى الشرعي بحيث تنفع المستدل في المقام فلا. مع أنّ الشارح رحمهالله لا يكتفي
__________________
(١) المدارك ٤ : ١١.
(٢) في « ب » و « و » زيادة : كلّ.
(٣) انظر المسائل الميافارقيات ( رسائل الشريف المرتضى ١ ) : ٢٧٢ ، والاقتصاد : ٢٦٧ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٩٠ ، والوسيلة : ١٠٣ ، والسرائر ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤.