الحدّ المذكور فيه ولزوم القصر بعده ، فإذا كان مسافة كلّ واحد من الأمرين واحدا والمقصود منهما شيئا واحدا وامتدادا واحدا فلا معنى لما ذكره من الاكتفاء في جواز التقصير ، فإنّ كلّ واحد من الأمرين أمارة على أمر واحد وشيء معيّن متحد ، فالأظهر أنّ المراد منهما شيء واحد ومقدار واحد إن اعتبر خفاء الأذان وإن اعتبر خفاء الجدران لا يكون فرق بينهما.
نعم لمّا لم يكن المفهوم من كلّ واحد واحد من الخبرين ذلك الأمر الواحد والشيء المعيّن اعتبر ضمّهما معا ليحصل ذلك الواحد وإن كان المراد من كلّ واحد منهما وسطه الذي ليس بالإفراط ولا التفريط ، فإنّ الوسط أيضا لا يفيد ذلك الواحد والمعيّن ما لم يعتبر ضمّهما معا ، فتأمّل.
ولو فرض حصول ذلك الواحد من كل واحد على حدة لا يحتاج إلى الضمّ ، ومعلوم أنّ الأمر ليس كذلك ، بل الضمّ أضبط وأدل عليه ، ومع ذلك أيضا لا يكاد يضبط ويتشخّص ، إلاّ أنّ المكلّف عند شكّه في وصوله إلى حدّ الترخّص يتمّ ، لأنّ الإتمام مستصحب حتى يثبت خلافه ، فتأمّل.
( ويمكن أن يكون مراد الأكثر أنّ الأمارتين لا تفاوت بينهما أصلا فبأيّهما يعمل يكفي ولا حاجة إلى ضمّ الأخرى ، لأنّ المتضمّن والمنفرد مفادهما واحد ، ولهذا اكتفى المعصوم عليهالسلام بواحدة منهما للراوي ، ولا يعلم من الخارج تفاوت حتى يحتاج إلى التوجيه ، والاحتياط في أمثال المقام مما لا ينبغي أن يترك. وذكرنا في حكم منتظر الرفقة رواية إسحاق بن عمار (١) الدالة على اعتبار حدّ الترخص وأنّه خفاء الأذان ) (٢).
قوله : ومقتضى الرواية اعتبار التواري من البيوت. ( ٤ : ٤٥٧ ).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣٣ / ٥ ، الوسائل ٨ : ٤٦٦ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ١٠.
(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».