لعل مرادهما إقعاء الكلب ، كما رويا ، فتأمّل.
قوله : « لا تقع في الصلاة بين السجدتين كإقعاء الكلب ». ( ٣ : ٤١٥ ، ٤١٦ ).
لا يخفى ما في الاستدلال بهذه ، ويمكن حمل الموثق أيضا على إقعاء الكلب لهذه الصحيحة ، ولعدم مناسبة التأكيد بقوله : « إقعاء » وكذا الوحدة ، فيكون المراد نوعا منها ، وللجمع بين هذه الصحيحة وصحيحة الحلبي ، سيّما والراوي في الروايتين واحد ، فتأمّل.
لكن يمكن الحمل على النوع ، ويكون المراد نفي جميع الأنواع ، لكونه نكرة في سياق النفي.
ويمكن الحمل على التأكيد ، ويكون المراد تأكيد النهي ، فتأمّل ، إذ الظاهر منه أنّه الذي ذكره الفقهاء لفهمهم ، ويحصل منه الظنّ البتّة ، مضافا إلى دعواهم الإجماع ، وأنّ العامّة لا يعدّونه مكروها ، بل يرتكبونه ، وإن كانوا نقلوا عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المنع عن الإقعاء ، لأنّهم يحملونه على إقعاء الكلب (١) ، وهذا أيضا من المؤيّدات ، فإنّ الأئمّة عليهالسلام كانوا يأمرون بمخالفتهم مهما تيسّر ، وهم يخالفون الشيعة مهما أمكنهم.
ويؤيّده أيضا أنّ إقعاء الكلب بين السجدتين في غاية الصعوبة بحيث لا يكاد يرتكبه أحد حتى يحتاج إلى المنع منه ، سيّما والتأكيد في المنع ، بخلاف ما ذكره الفقهاء ، فإنّه في غاية السهولة ، سيّما في مقام العجلة يرتكبونه ، وخصوصا العامّة ، لما عرفت ، مع أنّ الحمل على التأكيد غير مناسب على أيّ حال ، فالأظهر أنّ النهي عن جميع الأفراد ، مع أنّ النكرة
__________________
(١) انظر سنن الترمذي ١ : ١٧٤ ، ١٧٥ ، وسنن البيهقي ٢ : ١١٩ ، ١٢٠ ، وبداية المجتهد ٢ : ١٤٢ ، ١٤٣.