رواها الكليني أيضا لا تكون قاصرة عن الصحيح ، لأنّه ذكر في أوّل كتابه ما ذكر (١) ، هذا على طريقة الشارح ، وإلاّ فالرواية قويّة وحجّة عندي أيضا ، سيّما مع أنّ العلاّمة حكم بصحتها ، ورواها أحمد بن محمد بن عيسى بواسطة علي بن مهزيار الجليل ، وأحمد أخرج من قم من كان يروي الحديث عن المجاهيل والمراسيل (٢). هذا مع قطع النظر عن الانجبار بالشهرة وعمل الأصحاب ، لو لم نقل : الإجماع بل الإجماعات.
والدلالة في غاية الوضوح ، لأنّ الراوي لمّا قال : قال العباسي : ليس بذلك بأس ، كتب : « يعيدها ـ مرّتين ـ على رغم أنفه » يعني : العباسي ، ولعمري العباسي ما قال إلاّ ما قاله الشارح ومن وافقه ، والمعصوم عليهالسلام أجاب بما أجاب من التشديد والتغليظ ، ولذا لم يتعرّض الشارح على دلالتها.
وأمّا محمد بن عيسى فهو ثقة كما هو الحق ، ويونس أيضا ثقة جزما ، وقول ابن الوليد لا حجّة فيه ، سيّما بعد رد الماهر في معرفة الرجال إيّاه ، كما ظهر في محلّه (٣). ومثل هذا المفهوم له ظهور في الدلالة بلا تأمّل كما لا يخفى ، فتأمّل.
وأمّا الكلام في صحيحة الحلبي ففيه أنّ الظاهر من الحاجة في مثل المقام الضرورية ، سيّما بعد تقديمه على قوله : « أو تخوّف شيئا » إذ انضمامه معه يشهد على الضرورة ، فضلا عن تقديمه عليه. هذا مضافا إلى ما عرفت من السيد في الانتصار (٤) ، فإنّ الظاهر أنّه إشارة إلى ما في هذه
__________________
(١) الكافي ١ : ٨.
(٢) انظر رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠ ، ورجال العلاّمة : ١٤.
(٣) انظر رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦ ، و ٣٤٨ / ٩٣٩.
(٤) راجع ص ٢٧ ـ ٢٨.