موضع النزاع غير متحقّق بالبديهة ، سيّما مثل ما نحن فيه ، لأنّ الفقهاء صرّحوا باشتراط الإمام أو نائبه ، وجماعة كثيرة منهم ادعوا الإجماع على ذلك ، فكيف يمكن دعوى اشتراك من لم يكن له الإمام ولا نائبه مع من كان له الإمام أو نائبه؟ ولا شكّ في فساد ذلك بالبديهة.
على أنّا نقول : الإجماع إنّما تحقّق في اشتراك التكليف بين الغائب والحاضر إذا اتحد حالهما بالنسبة إلى ذلك التكليف لا مطلقا ، فإذا كان الحاضر صلاته مع الإمام أو نائبه فلا شك في أنّ الغائب أيضا إن كان كذلك يكون حكمه حكم الحاضر بالإجماع ، والإجماع حينئذ متحقّق ، وأمّا إذا تغيّر حالهما في ذلك فلا إجماع على الاشتراك لو لم نقل بالإجماع على عدم الاشتراك.
وبالجملة : إذا كان دليل الاشتراك هو الإجماع فالاشتراك دائر مع الإجماع ، فكلّ موضع يتحقّق فالاشتراك متحقّق ، وكلّ موضع وقع الخلاف فعلى القول باختصاص الخطاب بالمشافهين لا يثبت الحكم في حق غير المشافهين ، بل الحكم فيه ما اقتضاه الأصول والأدلة ، وعلى القول بشمول الخطاب للغائبين يكون الحكم شاملا لهم حتى يثبت القيد من الخارج ، ويثبت من جهة الاختصاص بالمشافهين ومن يكون حاله حالهم ، وهذا ثمرة من ثمرات هذا النزاع. وإذا كان الحكم مختصّا بالمشافه بالإجماع يقول الفقهاء : حكم في خصوص واقعة ، ولا يتعدّون البتّة.
فإن قلت : فأيّ فائدة في الاستدلال بالآية والأخبار؟
قلت : الفائدة في الموضع الذي وقع الإجماع على اتحادنا في التكاليف ولا نزاع في الاتحاد ، لكن لا يدرون أنّ الحكم ما ذا؟ كما هو الحال في غالب الأحكام ، فإنّ العلم الإجمالي حاصل باتحاد المكلّفين فيه ،