على كيفية استعمالات الشارع فحسب نظير البحث في سائر المباحث اللّفظيّة كمبحث الأوامر والنواهي فإنّ النزاع فيها يكون في مطلق صيغة الأمر أو صيغة النهي مثلاً ، من أي مولى صدرت ، ولكن الغرض منه هو الحصول على كيفية دلالة صيغة الأوامر والنواهي الصادرة من ناحية الشارع.
وثالثاً : إنّ قوله « ماذا؟ » كلمة مبهمة لا تبيّن المراد من البحث وإنّه من جهة الصحيح والأعم أو الحقيقة والمجاز أو جهات اخرى.
فالأولى أن يقال : « إنّ ألفاظ العبادات والمعاملات وغيرهما بمقتضى الوضع الشرعي أو اللغوي أو القرينة العامّة هل هي للصحيح أو للأعمّ منه؟ » فإنّه لا يرد عليه شيء ممّا ذكر كما لا يخفى.
الأمر الثاني : في أنّه لا فرق في جريان النزاع بين القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمه وبين أن تكون الألفاظ مجازات في المعاني الشرعيّة أو حقائق لغويّة فيها ( كما قال بعض بعض ) أو حقائق لغويّة في المعاني واللغويّة كما يحكى عن الباقلاني.
وذلك لأنّ المعنى الحقيقي أو المجازي هنا يشتمل على أجزاء وشرائط على كلّ حال ويتصوّر فيها الصحيح والفاسد فيجري النزاع فيها حتّى على القول بأنّ الصّلاة في استعمالات الشرع مثلاً يراد منها الدعاء فإنّه لا إشكال في أنّ هذا الدعاء في هذه الاستعمالات مقيّد بقيود خاصّة فيتصوّر فيها الصحيح والأعمّ ، والجامع للشرائط والأجزاء أو الفاقد لبعضها.
الأمر الثالث : في معنى الصحّة والفساد وإنّه ما هو المقصود منهما؟ ونكتفي ببيان معنى الصحّة حتّى يعرف معنى الفساد أيضاً فإنّ الأشياء تعرف بأضدادها.
وقد ذكر لها معانٍ مختلفة ، فقال بعض أنّها بمعنى اسقاط الإعادة والقضاء ، وهذا منسوب إلى الفقهاء ، وقال بعض آخر أنّها بمعنى موافقة الأمر ، وهو منسوب إلى المتكلّمين ، ولا يخفى عدم تماميّة شيء منهما بل كلّ من الفقيه والمتكلّم فسّر الصحّة وفقاً لمسلكه الخاصّ ، فالفقيه حيث يبحث عن الإعادة والقضاء في باب العبادات فسّرها بإسقاطها مع أنّه لا يصدق في أبواب المعاملات ، والمتكلّم حيث إنّه يبحث في علم الكلام عن مسائل المعاد وعن الثواب والعقاب ، وهما يترتّبان على موافقة الأمر ومخالفته ، فقد فسّر الصحّة بالموافقة ، وفي الواقع أنّهم أخذوا بلوازم الصحة المطلوبة لهم. والمحقّق الخراساني رحمهالله فسّرها بالتماميّة وهو أيضاً غير تامّ لأنّه