خاصّة بل لهيئة خاصّة في الحصول على هذا الأثر ، ولذلك نرى تغييرها من مادّة إلى مادّة وهيئة إلى هيئة ( فتبدّلت الساعة الرملية مثلاً إلى المائيّة ثمّ إلى الرقّاصيّة ثمّ إلى الكهربائيّة ) مع ثبوت الأثر المرغوب منها ( وهو تعيين الوقت ) وثبوت الاسم الموضوع عليها أوّلاً وهو اسم « الساعة » ، وهكذا بالنسبة إلى سائر المخترعات نظير المصباح والسيارة والبناء ، فإنّ ثبات هذه الأسامي مع التغيير الكثير في المادّة والهيئة من جميع الجهات يوحي إلينا أنّ ملاك التسمية في هذه المخترعات إنّما هو الآثار والخواصّ المطلوبة منها ، وحيث إنّ الأثر كان ثابتاً وباقياً على حاله بقى الاسم كذلك.
وإن شئت قلت : كما أنّ منشأ الاختراع والمحرّك نحوه يكون هو الأثر المطلوب منه والمترتّب عليه ، كذلك في التسمية ، فيلاحظ فيها ذلك الأثر من دون دخل لمادّة أو هيئة خاصّة.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ وزان المخترعات الشرعيّة وزان المخترعات العرفيّة ، فإنّ الشارع مع ملاحظته الآثار والخواصّ وضع الأسماء لمعانيها ففي الصّلاة مثلاً نظر إلى أثر النهي عن الفحشاء والمنكر مثلاً أو شيء آخر وجعل لفظة الصّلاة لكلّ مجموعة توجب هذا الأثر ، سواء كانت صلاة المريض أو الصحيح أو كانت صلاة المسافر أو الحاضر أو صلاة الغريق أو غيرها ، فلا مانع من إطلاق الصّلاة حتّى على صلاة الغريق إذا تحقّق بها ذلك الأثر ، كما أنّه لا دخل للمعرفة بهذا الأثر بعينه والعلم به تفصيلاً بل يكفي العلم إجمالاً بأنّ صدور هذه المجموعة العباديّة من الشارع كان لأثر خاصّ ومصلحة خاصّة ، فالفرق بينها وبين المركّبات العرفيّة أنّ الأثر الذي يدور عليه رحى التسمية معلوم مشهور ولكن أثر العبادات غير معروف لنا إلاّ بمقدار ما بيّنه الشارع ، فهو العالم بترتّبه على أفرادها بعرضها العريض.
نعم يمكن أن يكون لهذا الأثر مراتب مختلفة بعدد مصاديق للصّلاة مختلفة نظير مراتب النور في الأفراد المختلفة للمصباح ، ولكن هذا التفاوت الرتبي لا يضرّ بالاطلاق والتسمية ، فلو كان كلّ صلاة صحيحة من كلّ إنسان يترتّب عليها بعض مراتب النهي عن الفحشاء بنظر الشارع المقدّس كفى في إجرائه التسمية على جميعها. فقد ظهر إنّ القدر الجامع في المقام يدور على أساس وحدة الأثر ، فهو في كلّ عبادة مجموعة من الأجزاء والشرائط التي توجب الأثر المترقّب منها بنظر الشارع المقدّس.