الناطقة المتعلّقة بالبدن ، وحيث إنّ النفس باقية مع تبادل الحالات البدنيّة يكون صدق العلم أيضاً باقياً على حاله.
ويرد عليه :
أوّلاً : أنّ الأعلام ليست منحصرة في الإنسان حتّى يقال إنّها وضعت للنفس الناطقة بل إنّها تتصوّر في غيره من الأبنية والحيوانات أيضاً كـ « المسجد الأعظم » و « مدرسة الإمام أمير المؤمنين » و « ذو الفقار » و « ذو الجناح ».
وثانياً : الواضح في الأعلام هو العرف العامّ وهم لا يفهمون من النفس الناطقة شيئاً.
هذا ـ مضافاً إلى أنّ كثيراً من المادّيين منكرون لوجود النفس في الإنسان ويعتقدون بأنّ الإنسان ليس إلاّهذا البدن المادّي مع أنّهم أيضاً يضعون لأبنائهم أسماء ويجعلونها أعلاماً لهم ، ولا يخفى أنّ هذا أيضاً من ثمرات خلط المسائل العرفيّة بالمسائل الفلسفية!
وقال بعض : أنّها وضعت للوجود الخاصّ المتشخّص ، فزيد مثلاً وضع لحصّة من الوجود الذي تولّد من أب خاصّ وامّ خاصّة في مكان معيّن وزمان مشخّص ، ولا إشكال في أنّ هذا المعنى من الوجود لا يتغيّر أبداً على مرّ الدهور ومضي الأعصار ، هذا في الإنسان ، وكذلك في سائر الأعلام فإنّ الكوفة مثلاً وضعت لمّا بنى في قطعة خاصّة من الأرض ويكون متشخّصاً بتشخّص تلك القطعة ، وهذا هو المختار.
إن قلت : إنّ لازمه كون الموضوع في الأعلام حصّة خاصّة من الوجود لا الماهية بينما هي وضعت للماهيات المتشخّصة ، ولذلك يحمل عليها الوجود تارةً والعدم اخرى ويقال مثلاً : لم يكن زيد موجوداً فصار موجوداً.
قلنا : سيأتي إن شاء الله من أننا نعتقد بأنّ الموضوع له في جميع الألفاظ المستعملة في لسان العرف هو الوجود ( وما مرّ منّا سابقاً من أنّها وضعت للماهية كان مبنيّاً على مذاق المشهور ) ويكون إطلاقها على المعدوم بضرب من التوسّع في المفهوم نظير إطلاق « العالِم » على ذات الباري تعالى ( الذي علمه عين ذاته ) مع أنّه وضع لذات ثبت لها العلم ، ونظير اعتباره تعالى مفرداً مذكّراً في الكلام مع أنّ التذكير والتأنيث من خصوصّيات الممكن ، ويشهد لما ذكرنا كونه مقتضى حكمة الوضع ، لأنّ مراد الواضع من وضعه رفع الحاجات الاعتياديّة اليوميّة التي ترتفع بالوجودات الخارجيّة ( لأنّه منشأ كلّ أثر ) فإنّه يرى في حياته الاعتياديّة الشمس مثلاً