أمّا القول الثالث ، وهو القول بالتفصيل فقد مرّ أنّ هناك ثلاثة أنواع من التفصيل وبتعبير أصحّ ثلاث بيانات مختلفة لتفصيل واحد :
البيان الأوّل : ما أفاده المحقّق العراقي رحمهالله على ما في بدائع الأفكار فإنّه قال : الشرائط على ثلاثة أقسام : قسم أخذ في المأمور به ، نحو شرط القبلة بالنسبة إلى دليل « صلّ إلى القبلة » وشرط الوقت بالنسبة إلى دليل « صلّ في الوقت » والطهارة بالنسبة إلى دليل « صلّ مع الطهارة » ، وقسم لم يؤخذ فيه من ناحية الشرع بل الدالّ عليه هو العقل ولكن يمكن أخذه في المأمور به نحو عدم المزاحمة بالأهمّ وعدم تعلّق النهي ، وقسم يستحيل أخذه في المأمور به والكاشف عنه هو العقل أيضاً ، نحو قصد الأمر بناءً على ما هو المشهور من استحالة أخذه في متعلّق الأمر لاستلزامه الدور.
ثمّ ذهب إلى دخول القسم الأوّل في المسمّى ، وأمّا الإشكالان المذكوران من جانب القائلين بالعدم فالمهمّ منهما عنده هو الإشكال الأوّل ، وأجاب عنه بقضيّة الحصّة التوأمة فقال : المعتبر في الصّلاة هو الركوع والسجود وسائر الأجزاء المحصّصة بالحصّة المقارنة مع القسم الأوّل من الشرائط والتوأمة معها من دون أن تكون مقيّدة بها أو مطلقة بالنسبة إليها.
أمّا القسم الثاني والثالث فقال بأنّهما خارجان عن حريم النزاع للإجماع والاتّفاق على صدق مسمّى الصّلاة في صورة التزاحم مع الأهمّ وصورة فقدان قصد الأمر فيقال الصّلاة المتزاحمة مع الأهمّ والصّلاة الفاقدة لقصد الأمر. هذا ملخّص كلامه رحمهالله (١).
ويرد عليه :
أوّلاً : أنّه لا معنى محصّل للحصّة التوأمة لأنّ الواقع ليس خالياً من أحد الأمرين ، فإمّا أن تكون القضيّة في مرحلة الواقع مشروطة أو تكون مطلقة بنحو القضيّة الحينيّة ، فإن كانت مشروطة فمعناه دخل الشرائط في المسمّى وكونه مقيّداً بها وإن كانت مطلقة بنحو القضيّة الحينية فمعناه عدم تقيّده بها ، وليس في الواقع أمر ثالث ، كما أنّه لا معنى للاهمال في مرحلة الثبوت والواقع.
وثانياً : أنّ الإجمال المدّعى قيامه على صدق الصّلاة في صورة عدم القسم الثاني والثالث في
__________________
(١) راجع نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ١٠١ طبع جماعة المدرّسين.