لا يقال : إنّه استعمل حينئذٍ في الجامع بينهما وهو المسمّى بالعين فيكون من باب المشترك المعنوي ، لأنّ استعماله في جامع من هذا القبيل في غاية الغرابة وخارج عن المحسنات الذوقيّة بل يوجب خروج تلك الأبيات عن جمالها ولطافتها إلى أمر مبتذل كما لا يخفى. مضافاً إلى كونه خلاف الوجدان ، ولا فرق في ذلك بين كون العين مشتركاً لفظيّاً أو حقيقة في الجارحة ومجازاً في غيرها.
ورابعاً : الرّوايات الكثيره الواردة في بيان أنّ للقرآن بطناً أو سبعة أبطن أو أكثر من ذلك ظاهرة في أنّ اللفظ الواحد استعمل في معانٍ متعدّدة.
وقد جمعها العلاّمة المحقّق المجلسي رحمهالله في المجلّد ٨٩ في كتاب القرآن في الباب ٨ « أنّ للقرآن ظهراً وبطناً ... » وقد أورد فيها أكثر من ثمانين رواية كثير منها دليل على المطلوب.
منها : ما رواه عن المحاسن عن جابر بن يزيد الجعفي قال « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن شيء من التفسير فأجابني ثمّ سألته عنه ثانيّة فأجابني بجواب آخر ، فقلت : جعلت فداك كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم ، فقال : ياجابر ، إنّ للقرآن بطناً وللبطن بطن وله ظهر وللظهر ظهر » (١).
ومنها : ما رواه عن تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الرّواية « ما في القرآن آية إلاّولها ظهر وبطن ... ما يعني بقوله « لها ظهر وبطن » قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كماتجري الشمس والقمر ... » (٢).
وقد رويت هذه الرّواية في الوسائل بعبارة أوضح عن فضيل بن يسار قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الرّواية : « ما من القرآن آية إلاّولها ظهر وبطن » فقال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن يجري كما يجري الشمس والقمر ـ إلى أن قال ـ وما يعلم
__________________
أنّ نصيب الطير هو الهواء كما أنّ نصيب السمك هو الماء. رابعها : أنّ الله جعل كليهما نصيب الإنسان. خامسها : أنّ لكلّ من الطير والسمك نصيباً ورزقاً يختصّ به ـ لكن الشاعر العربي استعمل لفظ العين في معانٍ أربعة ، والشاعر الفارسي استعمل مجموع الجملة في معانٍ مختلفة.
(١) بحار الأنوار : ج ٨٩ ، ص ٩١ ، ح ٣٧.
(٢) المصدر السابق : ص ٩٤ ، ح ٤٧.