تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم » (١).
إلى غير ذلك ممّا ورد في هذا المعنى ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر هناك روايات كثيرة وردت في تفسير آيات القرآن ممّا لا يحتمله ظاهره أو يعلم أنّه ليس بمراد من ظاهره ، مثل تفسير « البحرين » في قوله تعالى ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ) بأمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام ، وتفسير « اللؤلؤ والمرجان » في قوله تعالى ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) بالحسنين عليهماالسلام وكذلك تفسير « الماء المعين » في قوله تعالى : ( أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) بظهور الحجّة عليهالسلام وتفسير قوله تعالى : ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) ( التفث بمعنى الوسخ ) بلقاء الإمام عليهالسلام حيث سأل عنه عبدالله بن سنان عن الصادق عليهالسلام فقال : أخذ الشارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : جعلت فداك فإنّ ذريحاً المحاربي حدّثني أنّك قلت : ثمّ ليقضوا تفثهم لقى الإمام ... فقال : صدق ذريح وصدقت ، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ومن يحتمل ما يحتمل ذريح » (٢) إلى غير ذلك من أشباهه.
ولا ريب أنّ الحسنين عليهماالسلام ليسا معنىً حقيقيّاً للؤلؤ والمرجان ، وكذلك المهدي ( أنفسنا لنفسه الوقاء ) ليس مصداقاً حقيقيّاً للماء المعين بل معناه الحقيقي هو المادّة السيّالة المخصوصة حتّى أنّ الماء المضاف من معانيه المجازيّة فكيف بغيره؟ فلا يبقى هنا مجال إلاّ الاستعمال في أكثر من معنى ، كلّ واحد مستقلّ عن الآخر ، معنى حقيقي ومعنى مجازي ( وإن كان المجاز هنا أرقى من الحقيقة من حيث الجمال الأدبي وروعة البيان ).
إن قلت : لِمَ لا يجوز استعماله في القدر الجامع المشترك بين المعنيين اشتراكاً معنويّاً كأن يقال : إنّ المراد بالماء المعين هو الذي يكون سبباً للحياة ، والمراد باللؤلؤ والمرجان هو الشيء النفيس مادّياً كان أو معنويّاً ، وكذلك « التفث » أعمّ من الوسخ الظاهري والباطني ، فالأوّل يزول بقصّ الأظفار وأخذ الشارب وغيرهما ، والثاني بملاقاة الإمام عليهالسلام؟
قلنا : أوّلاً : لازم ذلك أن تكون الآيات القرآنيّة محمولة على المجازات كلّها أو جلّها لأنّ جميعها يشتمل على البطون ، ومن الواضح أنّ البطن معنى مجازي ( كاستعمال الماء المعين في المهدي أرواحنا فداه ) واستعمال اللفظ في القدر الجامع بين المعنى الحقيقي والمجازي استعمال
__________________
(١) بحارالانوار : ج ٨٩ ، ص ٩٧ ، ح ٦٤.
(٢) نفس المصدر : ص ٨٣ : ح ١٥ ( ملخّصاً ).