الوجه الثالث : ما يستفاد من بعض الأعاظم ، وهو أنّ الوضع في اسم الزمان والمكان واحد ، ويكون الموضوع له فيهما جامعاً يطلق على الزمان تارةً وعلى المكان اخرى ، وهو عبارة عن ظرف الفعل الأعمّ من كونه زماناً أو مكاناً ، وعليه فيمكن وضع هيئة « مفعل » مثلاً لخصوص المتلبّس فعلاً ، أو للأعمّ منه والمنقضي عنه المبدأ ، غاية الأمر أنّه لا يتصوّر فيه الانقضاء بالنسبة إلى أحد مصداقيه ، وهو اسم الزمان ، ولكن يكفي في صحّة الوضع للكلّي تصوّر بقاء الذات بعد انقضاء المبدأ بالنسبة إلى مصداق واحد.
أقول : أنّه جيّد فيما إذا كانت هيئة « مفعل مشترك معنوي ولكنّها مشترك لفظيي » ويدلّ على أنّا لم نجد مورداً استعمل اللفظ فيه في القدر الجامع مع أنّه مقتضى حكمة الوضع فإنّها تقتضي استعمال الموضوع في الموضوع له ولو أحياناً وفي بعض الموارد.
الوجه الرابع : ما أفاده المحقّق العراقي رحمهالله من أنّ الأشياء على قسمين : امور تدريجيّة غير قارّة ، وامور فيها ذات ممتدّة قارّة ، والقسم الأوّل لما لم يكن فيه ذات قابلة للتلبّس بالمبدأ تارةً والخلو عنه اخرى لامتدادها وعدم قرار لذاتها يستشكل فيه بأنّه خارج عن محلّ النزاع ، وما نحن فيه وهو اسم الزمان من هذا القبيل ، ولكن يندفع الإشكال بأنّ الأزمنة والآنات وإن كانت وجودات متعدّدة متعاقبة ولكنّه حيثما لا يتخلّل بينها سكون وتكون الآنات متّصلة يعدّ أمراً قارّاً وحدانياً يتصوّر فيه الانقضاء ، وتكون مجموع الآنات إلى انقضاء الدهر موجوداً واحداً شخصيّاً مستمرّاً.
ثمّ أورد على نفسه بأنّه يستلزم بقاء جميع أسماء الأزمنة إلى الأبد وأن يكون كلّ آن مولد عيسى عليهالسلام مثلاً.
وأجاب عنه : بأنّه كذلك ولكنّه فيما إذا لم يكن هناك تجزئة للزمان من ناحية العرف بأجزاء مثل السنة والشهر واليوم والساعة ، وإلاّ فلابدّ من لحاظ جهة الوحدانيّة في خصوص ما عنون بعنوان خاصّ ، فيلاحظ جهة المقتلية مثلاً في السنة أو الشهر أو اليوم أو الساعة بجعل مجموع الآنات التي فيما بين طلوع الشمس مثلاً وغروبها أمراً واحداً مستمرّاً ، فيضاف القتل إلى اليوم أو الشهر أو السنة ويقال « هذا اليوم مقتل الحسين عليهالسلام » وإن وقع القتل في ساعة خاصّة منه فيمكن إطلاق الزمان مع انقضاء حدثه وعارضه ما لم يصل إلى الجزء العرفي اللاحق وهو اليوم الحادي عشر من المحرّم في المثال ، وكذلك يقال هذا الشهر مقتل الحسين عليهالسلام