فنقول ومنه سبحانه نستمدّ التوفيق والهداية : إنّ الاصول على نوعين : الاصول اللّفظيّة والاصول العمليّة :
أمّا الاصول اللّفظيّة : فليس هناك أصل لفظي يدلّ على خصوصيّة الموضوع له في المشتقّ أو عموميته ، لأنّ الاصول اللّفظيّة معلومة محدودة متعيّنة كأصالة عدم القرينة ، وعدم النقل ، وأصالة الإطلاق ، وأصالة الحقيقة ، ولا يجري واحد منها في المقام ، غاية ما يمكن أن يقال بجريانه إنّما هو أصلان :
الاصل الأوّل : ترجيح المشترك المعنوي على الحقيقة والمجاز إذا دار الأمر بينهما ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، أي يدور الأمر فيه بين وضع المشتقّ للأعمّ من المتلبّس ومن انقضى عنه التلبّس فيكون المشتقّ مشتركاً معنويّاً ، وبين وضعه لخصوص المتلبّس وكونه مجازاً فيمن انقضى عنه التلبّس فيكون حقيقة ومجازاً ، وحيث إنّ الاشتراك المعنوي يغلب على الحقيقة والمجاز فيرجّح عليها لأنّ العقل يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ولا يخفى أنّ النتيجة موافقة لرأي الأعمّي.
واجيب عنه : أوّلاً : بأنّ الغلبة ممنوعة من أصلها ، وثانياً : لا حجّية لها على فرض ثبوتها.
الاصل الثاني : الاستصحاب ، وهو أصالة عدم وضع المشتقّ للأعمّ فيما إذا شككنا في وضعه للأعمّ ، وبعبارة اخرى : وضع المشتقّ للمتلبّس بالمبدأ في الحال ولمن انقضى عنه التلبّس مشكوك فيه ، والأصل عدم وضعه له ، وهو يرجع إلى استصحاب العدم الأزلي كما لا يخفى ، وهذا موافق لرأي الصحيحي.
ويرد عليه أمران :
الأوّل : أنّ استصحاب عدم الوضع للأعمّ معارض لاستصحاب عدم الوضع للأخصّ ، لأنّ المفروض كون الاشتراك معنويّاً لا لفظيّاً ، أي ليس في البين وضعان بل المفروض وحدة الوضع ، أي يكون الموضوع له أمراً واحداً لا على نحو الأقلّ والأكثر ، فإذا شككنا في كون الموضوع له هو الأعمّ أو الأخصّ فالأصل عدم كلّ واحد منهما.
الثاني : سلّمنا تعدّد الوضع ولكن هذا الاستصحاب مثبت ، لعدم كون المستصحب فيه موضوعاً لأثر شرعي بلا واسطة لأنّك تقول : الأصل عدم وضعه للأعمّ ، فوضع للأخصّ ، فيكون اللفظ ظاهراً في الأخصّ ، ثمّ يترتّب عليه الأثر الشرعي ، وليس هذا إلاّ أصلاً مثبتاً قد