« زيد جالس » إلى غير ذلك ، وسيأتي أنّ منشأ خطأ القائلين بالتفصيل اختلاف المبادىء أو وجود قرائن في الكلام.
والمختار وضع المشتقّ للأخصّ ، والوجوه التي استدلّ بها على وضعه للأخصّ على دليلين : « لفظيّة » و « عقليّة ».
أمّا الأدلّة اللّفظيّة : « التبادر » فالمتبادر من كلمة « العالم » مثلاً عند إطلاقه هو المتلبّس بمبدأ العلم في الحال ، توضيح ذلك ( الذي يرتفع به بعض الإشكالات الواردة على هذا الوجه ) : إنّ المبادىء في المشتقّات على أربعة أقسام :
الأول : تكون ذات المبدأ قرينة على أنّ إطلاق المشتقّ منه في جميع الموارد يكون بلحاظ الانقضاء نحو مبدأ التولّد ، فإنّ كلمة « المتولّد » المشتقّ منه يكون إطلاقه بلحاظ انقضاء التولّد ، ونفس مادّة التولّد قرينة عليه ، والسرّ فيه إنّه لا بقاء ولا تكرّر فيه ، فلا معنى لتبادر خصوص المتلبّس منه بل يكون هذا القسم خارجاً عن محلّ النزاع كما مرّ.
الثاني : تكون القضيّة بالعكس ، فنفس المبدأ قرينة على كون إطلاق المشتقّ بلحاظ التلبّس في الحال في جميع الموارد نحو الإمكان والوجوب ، فإنّ المشتقّ منهما وهو « الممكن » و « الواجب » يطلق في جميع الإطلاقات على المتلبّس الفعلي ، لأنّ المبدأ فيهما ممّا لا يزول بل يبقى بدوام الذات ، فلا معنى لتبادر خصوص المتلبّس في هذا القسم أيضاً.
الثالث : ما يمكن فيه الاستمرار والتكرار لكن لا يكون فيه الدوام والبقاء غالباً ، نحو السرقة والقتل ، فحيث إنّ الغالب في هذا القسم عدم دوام المبدأ يصير هذا قرينة على كون التلبّس بلحاظ الانقضاء وموجباً لانصراف الذهن إلى من انقضى عنه المبدأ فإنّ « السارق » مثلاً أو « القاتل » إنّما يتلبّس بالسرقة والقتل في ساعة معيّنة ، وبعد ذلك يبقى عليه هذا العنوان وهذا الوصف وإن لم يكن متلبّساً.
الرابع : ما يتصوّر فيه الدوام والانقضاء معاً ، نحو العدالة والفسق والجلوس والقيام والاجتهاد والاستطاعة ، وليس ذات المبدأ قرينة على أحدهما ، وهذا هو محلّ النزاع ومصبّ دعوى التبادر.
والإنصاف أنّ عدم إلتفات كثير من المفصّلين إلى اختلاف هذه الأقسام أوجب إنكارهم للتبادر في القسم الأخير مع أنّ خصوص هذا القسم داخل في محلّ النزاع وغيره خارج عنه ،