إن قلت : إمّا أن يكون المسلوب هو مطلق الأفراد والمصاديق الأعمّ من المتلبّس في الحال والمتلبّس في الماضي ، أو خصوص المتلبّس في الحال ، فإن كان المسلوب مطلق الأفراد فهو ممنوع ، لعدم صحّة القول بأنّ هذا ليس بقائم لا في الحال ولا في الماضي ، وإن كان المسلوب خصوص فرد الحال ، فإنّ السلب صحيح إلاّ أنّه ليس علامة المجازيّة لأنّه مجرّد نفي مصداق من المصاديق ، والدليل على المجازيّة هو نفي مطلق المصاديق كما لا يخفى.
قلت : وقع الخلط بين رجوع قيد « الآن » في « زيد ليس بقائم الآن » أو « في الحال » إلى النسبة الموجودة في الجملة وبين رجوعه إلى المحمول أعني المشتقّ ، فإن قلنا برجوعه إلى المشتقّ فالحقّ كما ذكره ، وأمّا إذا قلنا برجوعه إلى النسبة فتكون المسلوب هو القيام الموجود في الأعمّ من الحال والماضي ، ويكون المعنى « إنّ زيداً ليس إلاّقائماً » لا « إنّ زيداً ليس القائم المقيّد بالحال ».
وأمّا الدليل الرابع : ما يظهر من كلام شيخنا المحقّق الحائري رحمهالله في الدرر وحاصله : إنّا نعلم بعدم دخالة الزمان في الأسماء ومنها المشتقّات فبناءً على دخالة الذات في معنى المشتقّ يكون معناه الذات المتقيّدة بالمبدأ ، وهي لا تصدق إلاّ إذا حصل المبدأ وتكون الذات واجدة له ومتلبّسة به ، كما أنّ العناوين المأخوذة من الذاتيات في الجوامد لا تصدق إلاّعلى ما كان واجداً لها كالانسان والحجر والماء من دون اعتبار المضيّ والاستقبال ، وإلاّ كان من الممكن أن يوضع لفظ الإنسان لمفهوم يصدق حتّى بعد صيرورته تراباً ، فكذلك العناوين التي تحقّق بواسطة عروض العوارض من دون اعتبار المضيّ والاستقبال ، ولعلّ هذا بمكان من الوضوح ( انتهى كلامه ) (١).
أقول : أمّا قوله بعدم دخل الزمان في الأسماء فقد عرفت الكلام فيه عند ذكر كلام المحقّق العراقي رحمهالله في البحث عن المراد من الحال في المسألة ، وأمّا إثبات المقصود في المقام بمجرّد تشبيه « المشتقّ » بالجوامد كالانسان والماء ، فهو لا يعدّ دليلاً في مثل هذه المسألة اللّفظيّة إلاّ أن يرجع إلى التبادر أو صحّة السلب ، فهو قياس ذوقي بين المسألتين من دون أن يكون دليلاً.
أمّا الأدلّة العقليّة : فمنها : إنّ حمل صفة على ذات لا يكون إلاّ لغرض عقلائي ، ويحصل هذا
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٦٢ ، طبع جماعة المدرّسين.