من استعمال في المعنى الحقيقي لإمكان أن يكون الإسناد فيه بلحاظ حال التلبّس كما مرّ.
٤ ـ قوله تعالى : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) الدالّ على أنّ الظالم لا يليق لمنصب الولاية بضميمة استدلالّ الإمام عليهالسلام بها لعدم لياقة من عبد الأوثان لأمر الامامة ، وحيث إنّ استدلاله يكون بظاهر الآية على من لا يكون متلبّساً بمبدأ الظلم في الحال بل كان ظالماً في الماضي فلا يكون تامّاً إلاّ إذا كان عنوان الظالم حقيقة في الأعمّ من المتلبّس ومن انقضى عنه المبدأ.
و « من الرّوايات » ما رواه هشام بن سالم في حديث قال : قد كان إبراهيم نبيّاً ليس بإمام حتّى قال الله تبارك وتعالى : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) من عبد صنماً أو وثناً أو مثالاً لا يكون إماماً (٢).
و « منها » ما رواه عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله أنا دعوة أبي إبراهيم ، قلت : يارسول الله وكيف صرت دعوة إبراهيم أبيك؟ ( إلى أن قال ) فإنتهت الدعوة إليّ وإلى علي عليهالسلام لم يسجد أحدنا لصنم قطّ فاتّخذني نبيّاً وإتّخذ عليّاً وصيّاً » (٣). ( ونحوهما ح ١٣ من نفس الباب ).
ويمكن الجواب عنه :
الجواب أوّل : بما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله وتبعه غيره بعبارات متفاوتة مع اشتمال جميعها على روح واحد ، وينبغي قبل ذكره أن نشير إلى حقيقة معنى الامامة المذكورة في الآية.
فنقول : يستفاد من الآية المذكورة والرّوايات الواردة في ذيلها أنّ مقام الامامة فوق مقام النبوّة لأنّها وسيلة لتحقّق أهداف النبوّة في ناحية « التشريع » و « التكوين » ودورها « الإيصال إلى المطلوب » بعد ما كان دور النبوّة « ارائة الطريق ».
وبعبارة اخرى : إنّ هدف الرسالة هو ابلاغ الأحكام ، وهدف الامامة هو إجرائها وتحقّقها في الواقع الخارجي في بُعد التشريع والظاهر ( بتشكيل الحكومة الإلهيّة كما أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله وضع الحجر الأساسي لها في المدينة وقد كان صلىاللهعليهوآله رسولاً وإماماً كجدّه إبراهيم عليهالسلام ) وكذلك في المحتوى الداخلي للأشخاص كما يدلّ عليه كثير من الرّوايات الدالّة على نفوذ الإمام عليهالسلام في النفوس المستعدّة وتربيته لها ، وإيصاله إيّاها إلى جوار قرب الله تعالى ، فمنها ما شبه الإمام
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٢٤.
(٢) تفسير البرهان : ج ١ ، ص ١٥١ ، ح ١١.
(٣) المصدر السابق : ح ١٤.