ظاهر اللفظ الفلاني هل هو الوجوب أو الاستحباب أو الحرمة أو الكراهة؟ وهل هو عامّ أو خاصّ؟ وهل يكون له المفهوم أو لا؟ و ... كلّ ذلك بيان لموضوعات قاعدة أصالة الظهور وصغرياتها ، ولا موضع لها في مسائل الاصول.
كما أنّ حجّية قول الثقة تعدّ من مباحث الاصول ، وأمّا مسألة أنّ زرارة أو محمّد بن مسلم هل هو من الثقات أو لا أو أنّ أصحاب الإجماع مَن هم؟ فليست منها قطعاً واتّفاقاً.
وعلى هذا يكون جميع المباحث السابقة خارجة عن عداد مسائل علم الاصول وداخلة في مبادئها ، ولكن حيث إنّ علم اللّغة أو العلوم الأدبيّة لم تبحث هذه الامور كما هو حقّها ، لذا اضطرّ علماء الاصول إلى بحثها بعنوان مقدّمات لمسائل علم الاصول.
هذا ، مضافاً إلى أنّا نشاهد مباحث في هذا العلم تُعدّ في الواقع مقدّمة لهذه المقدّمات ، وتكون في الحقيقة من قبيل مبادي المباديء لعلم الاصول ، نظير مباحث الوضع والمعاني الحرفيّة وعلائم الحقيقة والمجاز ونظائرها ، فهي في الواقع مقدّمة لمقدّمات علم الاصول.
وأمّا المورد الثاني ـ أيّ المسائل التي ينبغي وجودها في علم الاصول ، بل كانت مذكورة في كتب الماضين ولكن لا أثر لها في علم الاصول فعلاً ـ فهي كثيرة ، كحجّية نفس الإجماع بأقسامه ( لا حجّية الإجماع المنقول فقط ) وحجّية أنواع السِير من سيرة المسلمين وسيرة الفقهاء ونحوهما من سائر أقسامها ، والمباحث المرتبطة بالأدلّة العقليّة ( حجّية دليل العقل ) ومسائل الحُسن والقُبح العقليّين ووجود الملازمة بين العقل والشرع ، وهكذا عدم حجّية الاستحسان والظنّ القياسي وسدّ الذرائع والمصالح المرسلة والاجتهاد الظنّي بمعناه الأخصّ وأشباهها التي هي ثابتة عند علماء أهل السنّة ، وهكذا المباحث المرتبطة بالخبر المتواتر والخبر المستفيض ، ونحوها.
أمّا المباحث الزائدة التي لا حاجة إليها في هذا العصر فقد مرّ بعض نماذجها ( وهو مبحث الانسداد ).
وأمّا المباحث التي لا بدّ من إيرادها في الاصول ولكن في موضعها المناسب فمن قبيل كثير من المباحث التي تعدّ في يومنا هذا من مباحث الألفاظ ولكنّها ليست منها قطعاً كمباحث مقدّمة الواجب ، واجتماع الأمر والنهي ، ودلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه ، ومبحث الترتّب ، ودلالة النهي في العبادات والمعاملات على الفساد أو عدمه ، ومباحث الإجزاء ، فإنّ جميع هذه المسائل من المباحث العقليّة التي لا بدّ من إدخالها تحت عنوان