هذا كلّه في الدليل الأوّل على البساطة.
الوجه الثاني : ما استدلّ به المحقّق النائيني رحمهالله وحاصله أنّ المشتقّ لو كان مركّباً من الذات والمبدأ والنسبة يستلزم كون المشتقّات مبنيات لأنّ النسبة معنى حرفي فيوجب شباهة المشتقّات بالحروف ، ولكن كونها من المعربات دليل على عدم دخالة النسبة في معنى المشتقّ ، ويستكشف منه عدم دخول الذات أيضاً في المشتقّ لأنّ النسبة تلازم الذات لكونها قائمة بطرفيها (١).
أقول : أوّلاً : إنّ المشتقّ مادّة وهيئة ، والمادّة هي المعنى الاسمي ، ويمكن أن يكون معرباً لأجلها.
ثانياً : أنّ البناء أو الاعراب أمر سماعي لا قياسي ، والقياس على الحرف ممنوع وليس هناك قاعدة كلّية يرجع إليها في جميع مواردها وفي معرفة كون المشتقّ معرباً أو مبنياً ، بل علينا أن نرجع إلى أهل اللّغة واستعمالاتهم فيها.
الوجه الثالث : من الأدلّة على البساطة ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله أيضاً وحاصله : لغويّة أخذ الذات في المشتقّ ( لكفاية أخذ المبدأ لا بشرط عن الحمل في صحّة الحمل ) وهو خلاف حكمة الواضع الحكيم ، وإليك نصّ كلامه : « إنّ كلّ محمول جامداً أو مشتقّاً لا بدّ وأن يؤخذ لا بشرط حتّى يكون قابلاً للحمل ، فأخذ الذات فيه خلف لأنّه ملازم لأخذه بشرط شيء ، وهو ينافي المحموليّة الصرفة ، مع أنّه يلزم من أخذ الذات فيه محاذير أُخر منها : إنّ الواضع الحكيم لا بدّ وأن يلاحظ في أوضاعه فائدة مترتّبة عليها ولا يترتّب فائدة على أخذ الذات أصلاً » (٢).
أقول : أوّلاً : لا يكفي أخذ المبدأ لا بشرط في صحّة الحمل لأنّه يحتاج إلى نوع من الاتّحاد بين الموضوع والمحمول ، ولا اتّحاد بين الذات الذي يكون جوهراً والمبدأ الذي يكون عرضاً وإن أخذ لا بشرط.
إن قلت : المراد من اللابشرط هنا هو اللابشرط بالنسبة إلى الحمل ، فلا مانع من حمل المبدأ حينئذ على الذات.
قلت : إنّ اللابشرط بالنسبة إلى الحمل لا معنى محصّل له ، فإنّ الحمل تابع للمفهوم ، فلو كان
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٦٥ و ٦٦.
(٢) المصدر السابق : ص ٦٧.