العنصران عليه معاً في حال التركّب لكن لا يصحّ حمل أحدهما مستقلاً على الماء.
نعم إن قلنا بكون المبدأ ( وهو الكتابة في المثال ) من قبيل الخبر بعد الخبر ، تنحلّ القضيّة إلى قضيتين لكن لا يقول به أحد.
ولقد أجاد بعض الأعلام حيث قال : إن قلنا بكون المشتقّ مركّباً لا يكون مركّباً تفصيلاً بل إنّه مركّب انحلالي فلا يكون من قبيل الخبر بعد الخبر (١).
فظهر إلى هنا أنّ الحقّ مع صاحب الفصول الذي قال بعدم لزوم انقلاب الممكنة إلى الضروريّة.
الأمر الثالث : أنّه قد مرّ كراراً بأنّ جرّ الأبحاث الاصوليّة إلى المسائل الفلسفية خروج عن محور البحث لأنّه لا يرجع في كشف المعنى اللغوي للمشتقّ إلى الفلسفة وما يصل إليه العلماء المتبحّرون في هذا الفنّ ، فما قد يقال من رجوع هذا الدليل إلى التبادر في ذهن المنطقيين لا يرجع إلى محصّل.
بقي هنا شيء :
وهو أنّ صاحب الفصول قد رجع عن مقالته في خاتمة كلامه تحت عنوان « فيه نظر » ( وليته لم يرجع ) فقال : « إنّ الإنسان الذي يكون موضوعاً في القضيّة ، إمّا أن يكون كاتباً في الواقع والخارج ، أو لا ، فعلى الأوّل يلزم الانقلاب إلى الضروريّة الموجبة ، لأنّ الموضوع هو الإنسان الكاتب واقعاً فيصير القضيّة « الإنسان الكاتب كاتب » وهي ضروريّة ، وعلى الثاني يلزم الانقلاب إلى الضروريّة السالبة كما لا يخفى ، ثمّ قال بجريان نفس هذا البيان في الشقّ الأوّل أيضاً فقال : لأنّ لحوق مفهوم الذات أو الشيء لمصاديقهما أيضاً ضروري ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني » ( إنتهى كلامه ).
أقول : لقد أجاد من أجاب عنه بأنّ واقعية المحمول وخارجيته غير دخيلة في الموضوع ، وإلاّ يستلزم رجوع جميع القضايا إلى الضروريّة ، بل الموضوع هو الإنسان مثلاً مع قطع النظر عن اتّصافه الخارجي بالكتابة أو عدمها.
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٩٢ ، طبع مهر.