والصحيح في المسألة أن يقال :
أوّلاً : أنّ المراد من مبدأ النطق الخصوصيّة الموجودة في نفس الإنسان الموجبة للنطق اللّفظي أو المعنوي فهو فصل حقيقة ويشار إليه بالنطق اللّفظي أو المعنوي أي إدراك الكلّيات فيرتفع الإشكال.
وثانياً : لا يجوز قبول الشقّ الأوّل من كلام السيّد الشريف ( وهو كون المراد من الشيء مفهوم الشيء ) لأنّ الشيء هنا كناية عن الذات ، فليكن المراد مصداق الشيء.
ثالثاً : الخطأ الأساس يكمن في منهج البحث ، فالبحث هنا بحث لغوي ، والمعيار فيه هو التبادر ، ولا يدخل فيه مثل هذه الاستدلالات العقليّة الدقّية.
هذا كلّه في الشقّ الأوّل من كلام السيّد مير شريف.
أمّا الشقّ الثاني : منه وهو لزوم انقلاب الممكنة الخاصّة إلى الضروريّة ، فإستشكل فيه صاحب الفصول أيضاً بأنّ المحمول في القضيّة ليس مجرّد مفهوم الإنسان فحسب حتّى يلزم انقلابها إلى الضروريّة بل المحمول الإنسان المقيّد بالكتابة ولا يكون ضروريّاً للإنسان ( انتهى ).
وإستشكل عليه المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ الكتابة إمّا شرط أو جزء فإن كانت شرطاً فيكون خارجاً عن المحمول فيصدق « الإنسان إنسان » بدون القيد وهي ضروريّة ، وإن كان جزءً فينحلّ القضيّة إلى قضيّتين : احديهما « الإنسان إنسان » والثانيّة « الإنسان له الكتابة » ، والاولى ضروريّة والثانيّة ممكنة ، فيصدق انقلاب الممكنة إلى الضروريّة على كلّ حال.
أقول : الإنصاف أنّ ما ذكره صاحب الفصول كلام جيّد ويمكن الدفاع عنه بامور :
الأمر الأوّل : أنّه لو كانت الكتابة شرطاً كان الشرط خارجاً عن المشروط إلاّ أن الاشتراط والتقيّد داخل ، وفرق بين « الإنسان المقيّد بالكتابة » و « الإنسان المطلق منها » حيث إنّ الأوّل ضروري للإنسان بخلاف الثاني.
الأمر الثاني : أنّه لو فرض كون الكتابة جزءً لم تنحلّ القضيّة إلى قضيتين ، لأنّ التركيب بينهما أيضاً قيد للمحمول ، فليس المحمول كلّ من الذات والكتابة باستقلاله بل هما مركّباً محمول واحد للإنسان ، فلا يصحّ عندئذ حمل كلّ منهما مستقلاً على الموضوع ، وهو نظير الماء الذي تركّب من عنصري هيدروجين واوكسجين ويقال « الماء هو هذا وهذا » فيحمل