مجرّداً عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك ( انتهى ).
وأورد المحقّق الخراساني رحمهالله على كلام صاحب الفصول بأنّ من المقطوع إنّ المنطقيين قد اعتبروا مثل الناطق فصلاً بلا تصرّف في معناه أصلاً بل بما له من المعنى لغة.
ثمّ قال : الحقّ في الجواب أن يقال : ليس الناطق فصلاً حقيقيّاً بل أنّه فصل مشهوري فيكون من العوارض الخاصّة كالضاحك ، فلا يستلزم دخول العرض العامّ في الذاتي ( والظاهر أنّ مراده كون النطق من مقولة الكيف المسموع إن كان بمعنى النطق باللسان وكونه من مقولة الكيف النفساني إن كان بمعنى إدراك الكلّيات ، فلا يكون من الذاتيات على كلا التقديرين ) ثمّ استشهد لكلامه وقال : ولذا ربّما يجعل عرضان مكان الفصل الحقيقي إذا كانا متساوي النسبة إليه كالحسّاس والمتحرّك بالإرادة في تعريف الحيوان فيقال : « إنّه نامٍ حسّاس متحرّك بالإرادة » والحسّاس والمتحرّك بالإرادة عرضان من عوارض الحيوان والزمان قد وضعا مكان الفصل الحقيقي ، وليسا بفصلين حقيقيين للحيوان لوضوح امتناع أن يكون للشيء فصلان.
أقول : ويشهد له أيضاً أنّه يقال في تعريف الفرس : « حيوان صاهل » مع أنّ الصهل هو صوت الفرس وهو كيف مسموع وكذلك في تعريف الحمار إنّه « حيوان ناهق » وغيره من الفصول المذكورة بعنوان المثال في المنطق.
واستشكل المحقّق النائيني رحمهالله على المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ « هذا الإيراد مبني على جعل الناطق بمعنى المدرك للكلّيات فإنّ إدراك الكلّيات يكون من خواصّ الإنسان وعوارضه وأمّا لو كان الناطق عبارة عمّا يكون له النفس الناطقة التي بها يكون الإنسان إنساناً فهو فصل حقيقي للإنسان وليس من العوارض » (١).
وقال في المحاضرات ( بعد نقل كلام استاذه هذا ) : « وغير خفي أنّ هذا من غرائب ما صدر عنه فإنّ صاحب النفس الناطقة هو الإنسان وهو نوع لا فصل » (٢).
أقول : ليس مراد المحقّق من صاحب النفس الناطقة الإنسان بل إنّه يريد بذلك سبب النطق وهو النفس الإنساني الذي ينشأ منها النطق.
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ١١١ ، طبع جماعة المدرّسين.
(٢) المحاضرات : ج ١ ، ص ٢٧٠.