عَذابٌ أَلِيمٌ )(١) من باب إنّه مشتمل على مذمّة من يخالف الأمر وتهديده بالعذاب.
الوجه الثالث : قوله صلىاللهعليهوآله : « لولا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كلّ صلاة » (٢)
حيث إنّه صلىاللهعليهوآله نفى الأمر مع ثبوت الاستحباب.
الوجه الرابع : ما نقل « أنّ بريرة لمّا طلب النبي صلىاللهعليهوآله منها الرجوع إلى زوجها قالت : تأمرني يارسول الله؟ فقال : لا بل إنّما أنا شافع » (٣) فنفي الأمر أيضاً مع ثبوت استحباب إصلاح أمر الزوجة.
الوجه الخامس : قوله تعالى : ( ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ )(٤) لشموله على التوبيخ والمذمّة لمن خالف أمره تعالى بالسجدة ( وهو ابليس ).
ولكن يمكن نقض جميع هذه الموارد للأمر غير الأمر الأوّل بموارد استعمال الأمر في القدر الجامع بين الوجوب والاستحباب :
منها : قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ )(٥) لثبوت استحباب الاحسان.
ومنها : قوله تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )(٦) فإنّه لا ريب أيضاً في استحباب هذه الموارد الثلاثة.
ومنها : قوله عليهالسلام في كتابه لمالك : « هذا ما أمر به عبدالله علي أمير المؤمنين ... ثمّ قال : أمره بتقوى الله ... أمره أن يكسر نفسه عند الشهوات » فلا إشكال في استعماله أيضاً في خصوص الاستحباب أو في القدر الجامع بين الوجوب والاستحباب.
إلى غير ذلك من الأمثلة التي تبلغ حدّ الاطّراد ، والاطّراد دليل الحقيقة كما مرّ في محلّه ، وأمّا استعماله في خصوص أحدهما فإنّما هو من باب تطبيق الكلّي على الفرد ، وهذا لا ينافي انصراف الإطلاق إلى خصوص الوجوب ، فظهر أنّ الدليل الوحيد على دلالة مادّة الأمر على الوجوب
__________________
(١) سورة النور : الآية ٦٣.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١ أبواب السواك ، الباب ٣ ، ح ٤.
(٣) الكافي : ج ٥ ، ص ٤٨٥ ؛ والتهذيب : ج ٧ ، ص ٣٤١ ؛ الخصال : ج ١ ، ص ١٩٠ ( نقلاً من كفاية الاصول طبع آل البيت ص ٦٣ ).
(٤) سورة الأعراف : الآية ١٢.
(٥) سورة النحل : الآية ٩٠.
(٦) سورة النساء : الآية ١١٤.