والنهي والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، تلك مقالة اخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان ، وقدريّة هذه الامّة مجوسها ، إنّ الله تبارك وتعالى كلّف تخييراً ونهى تحذيراً وأعطى على القليل كثيراً ولم يُعص مغلوباً ولم يطع مكرهاً ولم يملّك مفوّضاً ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، ولم يبعث النبيين مبشّرين ومنذرين عبثاً ، ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ».
فأنشأ الشّيخ يقول :
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته |
|
يوم النجاة من الرحمن غفرانا |
أوضحت من أمرنا ما كان ملتبساً |
|
جزاك ربّك بالاحسان احسانا (١) |
وفي نقل آخر (٢) رواه العلاّمة المجلسي في البحار بعد ذكر ما مرّ : ثمّ تلا عليهم ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) وفي نقل ثالث في البحار (٣) أيضاً بعد عدّه عليهالسلام الموارد العشرة من قضاء الله تعالى وقدره قال : « كلّ ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره لأعمالنا ».
وهذا الحديث الذي هو من غرر الأحاديث ومحكمات الأخبار المأثورة عن المعصومين عليهمالسلام الذي تلوح عليه آثار الصدق ناظر إلى تفسير القضاء والقدر بالقضاء والقدر التشريعيين ( كما ورد في ذيله ) ثمّ تمسّك لإثبات بطلان مقالة الجبريين والقدريين بالوجدان الصريح من عشرة وجوه : أحدها : الثواب والآخر : العقاب والثالث : الأمر الرابع : النهي ... إلى آخر ما ذكره عليهالسلام فإنّه لا يجتمع الثواب مع الجبر على الطاعة ولا العقاب مع الجبر على المعصية كما أنّه لا معنى للأمر على فرض الجبر على الطاعة لأنّه تحصيل للحاصل ، ولا في فرض الجبر على المعصية فإنّه تكليف بما لا يطاق ، وهكذا مسألة اللائمة والمحمدة والسؤال والعتاب كلّ ذلك لغو أو ظلم على القول بالجبر ، وهو أمر واضح لكلّ أحد.
الوجه الثاني : ما يختصّ بالالهيين وهو « دليل العدالة » وهو أنّ الجبر ينافي عدله تعالى كما أنّ القول بالتفويض ينافي التوحيد ويلزم منه خروجه تعالى عن سلطنته ، وقد نصّ على هذا
__________________
(١) اصول الكافي : ج ١ ، ص ١٥٥.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥ ، ص ٩٥ طبع بيروت.
(٣) بحار الأنوار : ج ٥ ، ص ١٢٥ طبع بيروت.