الإيمان واستقراره في القلب ، والمستفاد من الآية بقرينة الآيات السابقة عليها أنّ الحبّ في الله والبغض في الله يوجب ثبوت الإيمان ورسوخه في القلب ، فهو بمنزلة الجزاء والنتيجة لعمل اختياري صالح للإنسان ، أي التولّي والتبرّي في الله ، فلا ينافي كونه اختياريّاً ، فإنّ ما يكون بعض مقدّماته اختياريّاً اختياري.
الطائفة الخامسة : آيات الهداية والضلالة والتي تسندهما إلى الله تعالى وهي كثيرة :
منها : قوله تعالى : ( فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )(١).
ومنها : قوله تعالى : ( وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ )(٢).
ومنها : قوله تعالى : ( مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ )(٣).
ومنها : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ )(٤).
ومنها : ( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً )(٥).
والجواب عنها أيضاً واضح ، ولكن قبل بيان الجواب الأصلي والمختار ننقل هنا ما قاله بعض الأعلام في مقام الجواب عنها ، وهو أنّ الهداية على معانٍ ثلاثة :
المعنى الأوّل : أنّ الهداية بمعنى إرائة الطريق ومنه قوله تعالى : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ )(٦).
المعنى الثاني : أنّها بمعنى الإيصال إلى المطلوب ، ومنه ما مرّ آنفاً من قوله تعالى : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) فإنّ ما على النبي صلىاللهعليهوآله إنّما هو إرائة الطريق فقط لا الإيصال إلى المطلوب ( والمراد من الإيصال اعداد المقدّمات والتوفيق الموصل إلى المقصود ).
__________________
(١) سورة إبراهيم : الآية ٤.
(٢) سورة النحل : الآية ٩٣.
(٣) سورة الأنعام : الآية ٣٩.
(٤) سورة القصص : الآية ٥٦.
(٥) سورة الأنعام : الآية ١٢٥.
(٦) سورة الشورى : الآية ٥٢.