الغرض فلا يبقى موقع للتبديل كما إذا أمر بإهراق الماء في فمه لرفع عطشه فأهرقه بل لو لم يعلم أنّه من أي القبيل فله التبديل بإحتمال أن لا يكون علّة فله إليه سبيل ، ويؤيّد ذلك بل يدلّ عليه ما ورد من الرّوايات في باب إعادة من صلّى فرادى جماعة وأنّ الله تعالى يختار أحبّهما إليه » ( انتهى كلامه ).
وما ذكره من الرّواية إشارة إلى ما رواه أبو بصير قال قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : « اصلّي ثمّ أدخل المسجد فتقام الصّلاة وقد صلّيت فقال : صلّ معهم يختار الله أحبّهما إليه » (١).
واستدلّ القائل بعدم الجواز بما حاصله : إنّ الإتيان بالمأمور به في الخارج علّة تامّة لحصول الغرض الداعي إلى الأمر به ، والإجزاء في مثله عقلي محض لاستقلال العقل حينئذٍ بسقوط الغرض وسقوط الأمر بسقوطه بمجرّد الموافقة وإيجاد المأمور به فلا يبقى مقتضٍ للإتيان به ثانياً بوجه أصلاً ، نعم هذا مبني على القول بوجوب مطلق المقدّمة ، وأمّا إذا قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة فلازمه جواز الإتيان بالمأمور به ثانياً بعنوان امتثال الأمر بالطبيعة مع عدم اختيار المولى إيّاه ، لأنّ الغرض الداعي إلى الأمر باقٍ على حاله ، غايته أنّه ليس له الفاعلية والمحرّكيّة بعد الإتيان بالمأمور به أوّلاً بملاحظة صلاحية المأتي به للوفاء بالغرض لا أنّه يسقط رأساً بمجرّد الإتيان به ، ولازم ذلك التفكيك بين « فعلية الأمر » و « فاعليته » وجواز الإتيان بالمأمور به ثانياً ، ونتيجة ذلك في فرض تعدّد الإتيان بالمأمور به هو وقوع الامتثال بخصوص ما اختاره المولى منهما لا بهما معاً وصيرورة الفرد الآخر لغواً محضاً فلا يكون من باب الامتثال بعد الامتثال (٢).
أقول : الحقّ جواز تبديل الامتثال بالامتثال وفاقاً للمحقّق الخراساني والمحقّق النائيني رحمهما الله والدليل عليه أنّ الغرض المترتّب على الأمر يكون على نحوين : غرض يترتّب على فعل المكلّف وهو غرض ابتدائي كإتيان الماء ووضعه بين يدي المولى ، وغرض نهائي يترتّب على فعل المولى وهو رفع العطش الذي يترتّب على شرب المولى الماء ، وما لم يحصل الثاني كان المحلّ باقياً لتبديل الامتثال ويقوم الامتثال الثاني مقام الامتثال الأوّل ، وبعبارة اخرى : يعدّ الإتيان الأوّل امتثالاً لأنّه يوجب سقوط الأمر ، ويكون الإتيان الثاني امتثالاً آخر ( بدل الامتثال
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ١٠.
(٢) راجع نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، طبع جماعة المدرّسين.