أنّه يتخيّر بين البدار والإتيان بعملين : العمل الاضطراري قبل ضيق الوقت والعمل الاختياري بعد رفع الاضطرار ، وبين الانتظار والاقتصار بإتيان ما هو تكليف المختار.
وأمّا الصورة الثالثة : ( وهي أن لا يكون الاضطراري مشتملاً على تمام الواقعي وكان الباقي ممّا يمكن تداركه وكان دون حدّ الإلزام ) فيجزي قطعاً غير أنّه يستحبّ الإعادة أو القضاء لدرك الباقي ، وأمّا البدار فيها فيجوز أيضاً بل يستحبّ لدرك أوّل الوقت ثمّ الإعادة أو القضاء بعد رفع الاضطرار لدرك الباقي المفروض كونه دون حدّ الإلزام.
وأمّا الصورة الرابعة : ( وهي أن لا يكون الاضطراري مشتملاً على تمام مصلحة الواقعي ولا يمكن تدارك الباقي ) فيجزي أيضاً بعد فرض عدم إمكان التدارك أصلاً كما لا يجوز له البدار في هذه الصورة إلاّلمصلحة كانت فيه لما فيه من نقض الغرض ، وتفويت مقدار من المصلحة لولا مراعاة ما هو فيه من الأهمّ ( انتهى كلامه في مقام الثبوت ).
أقول : الصورة الثالثة ( وهي أن لا يكون الاضطراري مشتملاً على تمام المصلحة وكان الباقي ممّا يمكن تداركه وكان دون حدّ الإلزام ) خارجة عن محلّ الكلام لأنّ النزاع في المقام فيما إذا تحقّق الاضطرار حقيقة ، ولا إشكال في أنّ الاضطرار حقيقة لا يصدق إلاّفيما إذا فاتت من الواجب مصلحة ملزمة لا مجرّد الكمال والفضيلة هذا « أوّلاً ».
وثانياً : يمكن تقسيم المسألة رباعياً على نحو آخر تكون بجميع صورها الأربع داخلة في محلّ النزاع ، أي كانت المصلحة في جميعها ملزمة ، وذلك بأن نقول : إمّا أن يكون الاضطراري وافياً بتمام مصلحة الواقعي أو لا يكون ، وعلى الثاني إمّا أن يمكن تدارك الباقي أو لا يمكن ، وعلى الأوّل إمّا أن يعارض التدارك مفسدة أهمّ من تلك المصلحة الباقية أو لا يعارض مفسدة كذلك ، فتأمّل.
هذا كلّه بالنسبة إلى مقام الثبوت.
وأمّا مقام الإثبات فالبحث فيه يقع في مقامين :
الأوّل : ما إذا ارتفع الاضطرار في داخل الوقت ( أي الإعادة ).
الثاني : ما إذا ارتفع الاضطرار في خارج الوقت ( أي القضاء ).
وفي كلّ منهما تارةً يكون النظر إلى مفاد الأدلّة الخاصّة كقوله تعالى : ( ... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) في باب التيمّم ، واخرى يكون النظر إلى مقتضى العمومات