المورد الأوّل : الأحكام الظاهريّة من الاصول والأمارات التي تجري في إجزاء واجب أو شرائطه وموانعه ، أي تجري لتنقيح موضوع تكليف آخر سواء كانت من الشبهات الحكمية أو الموضوعيّة نظير قاعدة الفراغ مثلاً بالنسبة إلى من شكّ في إتيان جزء أو شرط أو مانع ، ونظير استصحاب العدم لمن شكّ في إتيان جزء في محلّه ، ونظير البيّنة القائمة على إتيان جزء أو عدم إتيانه مثلاً ( هذا في الشبهات الموضوعيّة ) ونظير حديث الرفع الدالّ على رفع جزئيّة السورة أو الاستعاذة ، وقاعدة الطهارة الدالّة على طهارة الحيوان المتولّد من طاهر ونجس مثلاً المقتضية لجواز الصّلاة مع ملاقاة البدن له ( في الشبهات الحكمية ).
المورد الثاني : الأحكام الظاهريّة التي تجري لإثبات تكليف مستقلّ ، وتكون بالطبع جارية في الشبهات الحكمية فقط ، ولا تتصوّر في الشبهات الموضوعة نظير ما إذا كان مفاد الأمارة أو الأصل وجوب صلاة الجمعة أو عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شيء أو عدم حرمته.
أمّا المورد الأوّل : فحاصل ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله فيه ( مع توضيح وتحرير ) : أنّ الحكم الظاهري على قسمين :
الأوّل : حكم ظاهري مجعول في ظرف الشكّ والجهل بالواقع حقيقة من دون نظر إلى الواقع أصلاً فهو يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف وتحقيق متعلّقه ، ويكون بلسان تحقّق ما هو شرطه أو شطره.
الثاني : حكم ظاهري مجعول أيضاً في ظرف الشكّ في الواقع والجهل به إلاّ أنّه ناظر إلى الواقع وكاشف عنه ويكون بلسان أنّه ما هو الشرط واقعاً.
والأوّل مفاد الاصول العمليّة كقاعدتي الطهارة والحلّية أو استصحابهما ، والثاني مفاد الأمارات.
ولا إشكال في أنّ مقتضى كيفية الجعل في القسم الأوّل حكومة الاصول العمليّة على الأدلّة الواقعيّة في مرحلة الظاهر وتوسعة دائرتها حيث إنّ ما دلّ على شرطيّة الطهارة أو الحلّية للصّلاة مثلاً ظاهر في الطهارة أو الحلّية الواقعيّة ولكنّها جعلت الشرط أعمّ منها ومن الطهارة أو الحلّية الظاهريّة ، ومقتضى هذه الحكومة أنّه كما أنّ المكلّف إذا كان واجداً للطهارة الواقعيّة كان واجدا للشرط حقيقة ، فكذلك إذا كان واجداً للطهارة الظاهريّة ، فلو صلّى معها ثمّ