ذلك بقاء صلاة الظهر على ما هي عليه من المصلحة والوجوب ، فبعد كشف الخلاف لا بدّ من الإتيان بصلاة الظهر أيضاً ، نعم إلاّ إذا قام دليل خاصّ من إجماع ونحوه على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد.
ولكن خالفه بعض الأعلام في المحاضرات وذهب إلى الإجزاء بناءً على مبنى السببيّة بجميع معانيها ، نعم ذهب في المعنى الأخير بالنسبة إلى خصوص الأداء إلى عدم الإجزاء.
وملخّص كلامه : أنّ السببيّة في الأمارات تتصوّر على ثلاثة وجوه :
الوجه الأوّل : ما نسب إلى الأشاعرة ( وإن كانت النسبة غير ثابتة ) من أنّ الله تعالى لم يجعل حكماً من الأحكام في الشريعة المقدّسة قبل تأدية نظر المجتهد إلى شيء وإنّما يدور جعله مدار تأدية نظرية المجتهد ورأيه.
الوجه الثاني : ما نسب إلى المعتزلة وهو أن يكون قيام الأمارة سبباً لكون الحكم الواقعي بالفعل هو المؤدّى ، وذلك لأنّ قيام الأمارة يوجب احداث مصلحة أو مفسدة في متعلّقه ، وحيث إنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها فبطبيعة الحال ينحصر الحكم الواقعي الفعلي فيه ، أي تنحصر الأحكام الواقعيّة الفعليّة في مؤدّيات الحجج والأمارات ولا حكم في غيرها إلاّشأناً واقتضاءً.
الوجه الثالث : ما نسب إلى بعض الإماميّة ، وهو أن يكون قيام الأمارة سبباً لاحداث المصلحة في السلوك على طبق الأمارة وتطبيق العمل على مؤدّيها مع بقاء الواقع على ما هو عليه من دون أن يوجب التغيير والانقلاب فيه أصلاً.
ثمّ قال : أمّا على ضوء السببيّة بالمعنى الأوّل فلا مناصّ من القول بالإجزاء حيث لا واقع على الفرض ما عدا مؤدّى الأمارة لنبحث عن أنّ الإتيان به مجز عنه أو لا؟ إلاّ أنّ السببيّة بذلك المعنى غير معقولة في نفسها بداهة أنّ تصوّرها في نفسه كافٍ للتصديق ببطلانها بلا حاجة إلى إقامة برهان عليه من لزوم دور ونحوه ، حيث إنّ هذا المعنى من السببيّة خلاف الضرورة من الشرع.
وأمّا على ضوء السببيّة بالمعنى الثاني فالأمر أيضاً كذلك ، يعني أنّه لا مناصّ من القول بالإجزاء حيث إنّه لا واقع على ضوئها أيضاً في مقابل مؤدّى الأمارة ليقع البحث عن أنّ الإتيان به هل هو مجزٍ عنه أم لا؟ بل الواقع هو مؤدّى الأمارة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية