أوّلها : الإجماع ، وقد استدلّ به جماعة من أعاظم المتأخّرين ، بينما نقل بعض آخر كالسيّد الحكيم في مستمسكه عن العلاّمة الإجماع على الخلاف ، ولو سلّمنا وجود الإجماع كما لا يبعد ، لكنّه ليس بحجّة في أمثال المقام لاحتمال استنادهم إلى سائر الوجوه.
ثانيها : إنّ عدم الإجزاء يستلزم العسر والحرج.
واجيب عنه : بأنّ قاعدة العسر والحرج قاعدة شخصية لا نوعيّة ، أي لا يسقط الحكم ممّن لا يكون في عسر إن كان غيره فيه.
ثالثها : إنّ الاجتهاد الثاني كالاجتهاد الأوّل ، فإذا لم يكن الاجتهاد الأوّل مجزياً عن الواقع لم يكن الاجتهاد الثاني أيضاً مجزياً ، لأنّه أيضاً أمارة ظنّية الدلالة بالنسبة إلى الواقع وإن كان مجزياً فكذا الأوّل.
واجيب عنه : بأنّ المفروض في المقام ما إذا انكشف في الاجتهاد الثاني أنّ الأوّل على خلاف الواقع ولو بحسب الموازين الظاهريّة ، مع أنّه لم يحصل بالنسبة إلى الاجتهاد الثاني نفسه ، فهو نظير ما إذا قام دليل أقوى على خلاف الدليل الأوّل في الموضوعات الخارجيّة ، كما إذا قامت أمارة على أنّ هذا الماء كان كرّاً أو قليلاً من قبل ، فيعمل بمقتضى الدليل الثاني حتّى بالنسبة إلى ما سبق.
رابعها : إنّ الواقعة الواحدة لا تتحمّل اجتهادين بل الأعمال السابقة داخلة في نطاق الاجتهاد الأوّل ، والأعمال اللاّحقة داخلة في لاجتهاد الثاني ، فلا يعمّ الاجتهاد الثاني ما سبق من الأعمال ، ولازمه الإجزاء.
وفيه : أنّه إن كان المراد منه عدم قبول الواقعة الواحدة الاجتهادين في زمان واحد فهو صحيح وأمّا في زمانين فهو دعوى بلا دليل.
خامسها : إنّ تبدّل رأي المجتهد يكون بمنزلة النسخ ، فكما لا تجب إعادة الأعمال السابقة في ما إذا نسخ الحكم السابق فكذلك إذا تبدّل رأي المجتهد سواء بالنسبة إلى أعمال نفسه أو أعمال مقلّديه.
واجيب عنه : بأنّ النسخ يتعلّق بالأحكام الواقعيّة ، ومعناه تغيّر الحكم الواقعي ، بينما رأى المجتهد يتعلّق بالأحكام الظاهريّة ، وهو لا يوجب انقلاب الحكم الواقعي من حين تبدّل رأيه بل إنّه يقول بعد تبدّل رأيه أنّ حكم الله إنّما هو مؤدّى الاجتهاد الثاني من بدو جعله تعالى إيّاه ، فقياسه بالنسخ قياس مع الفارق.