مثلاً على التشهّد والتسليم حين تكبيرة الإحرام فإنّ قدرته على الأجزاء تحصل شيئاً فشيئاً ، وما لم يأت بالتكبير لا يكون قادراً على القراءة في محلّها المفروض وهكذا.
وحلاً : بأنّه لا دليل على اعتبار القدرة على المكلّف به قبل مجيء زمان العمل بل القدرة المعتبرة في التكليف عقلاً هي القدرة على المكلّف به في زمان المكلّف به فإنّه كثيراً ما يتّفق أنّ العبد لا يكون قادراً على الإتيان بالمأمور به حين البعث ولكنّه يصير قادراً عليه بنفس البعث والتحريك ، فلا إشكال حينئذٍ في أنّ العقل لا يمنع عن بعثه بمجرّد عدم قدرته على العمل فعلاً.
الأمر الرابع : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وحاصله : أنّ امتناع الواجب المعلّق في الأحكام الشرعيّة التي تكون على نهج القضايا الحقيقيّة بمكان من الوضوح بحيث لا مجال للتوهّم فيه ، لأنّ معنى كون القضيّة حقيقيّة هو أخذ العنوان الملحوظ مرآة لمصاديقه المفروض وجودها موضوعاً للحكم فيكون كلّ حكم مشروطاً بوجود الموضوع بما له من القيود ، ولا فرق بين أن يكون القيد هو الوقت أو أمر آخر ، وحينئذ ينبغي أن يسأل ممّن قال بالواجب المعلّق أنّه أي خصوصيّة للوقت حيث قلت بتقدّم الوجوب عليه ولم تقل بذلك في سائر القيود من البلوغ والاستطاعة مع اشتراك الكلّ في أخذه قيداً للموضوع (١).
أقول : لا يخفى أنّ هذا الوجه مبتنٍ على مبنى المحقّق النائيني رحمهالله في أنّ جميع القيود المأخوذة في الأحكام ترجع حقيقة إمّا إلى الموضوع أو إلى المأمور به ، مع أنّه قد مرّ عدم تماميّة المبنى وأنّ الاشتراط في الواجب المشروط يكون من قبيل التعليق والتقدير لا التقييد ، أي أنّ المولى إذا لم تكن شرائط مطلوبه حاصلة في الحال فأوّلاً يفرض تلك الشرائط ، ثمّ يحكم في وعاء ذلك الفرض بمطلوبه ، فيكون إيجابه وحكمه إيجاب وحكم على فرض ، فيرجع شرطه وفرضه إلى الحكم ، أي « يجب مثلاً على المكلّف الحجّ إن استطاع » لا إلى الموضوع حتّى يكون مآل تعبيره « يجب على المستطيع الحجّ » ، فعلى المبنى المختار في حقيقة الواجب المشروط الحقيق بالتصديق لا يتمّ ما ذكره.
الأمر الخامس : ما هو المختار في مقام الإشكال على الواجب المعلّق وهو أنّ الواجب المعلّق مستبطن لنوع من التضادّ في إنشائه حيث إنّ المولى يقول يوم الاثنين : « يجب عليك غسل يوم
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ١٨٦.